عمر عبد الفتاح – بعد حالة اليأس التي اعترت ايطاليا بأكملها قبيل انطلاقة اليورو نجح المدرّب الفذ انتونيو كونتي في قلب الأمور رأساً على عقب بتصدره للمجموعة الخامسة ثم الإطاحة بالماتادور الاسباني بطل النسختين السابقتين من دور الستة عشر و ختاماً بالأداء المشرف طوال 120 دقيقة إمام بطل العالم المنتخب الألماني الذي احتاج لركلات الحظ حتى يتخطى عقبة الطليان ، مسيرة مميزة حققها كونتي بأسماءٍ كبارولو و جياكريني و قميص رقم 10 لم يجد من يحمله سوى تياغو موتا و سعد بها سكان الجزء الغربي من مدينة لندن ربما اكثر من ما سعد بها الطليان أنفسهم .
و في ظل حالة التفاؤل التي تدب حاليا في ستامفورد بريدج أؤكد لجمهور تشلسي ان كونتي هو احد أفضل المدربين حول العالم و ان لهم كل الحق ان يسعدوا به دائما سعادة إلا ان هنالك بعض الأمور السلبية التي سيجلبها كونتي معه و بعض التبعات التي ستؤثر عليهم كمشجعين كضريبة لتولى كونتي دفة القيادة فوددت لفت نظرهم الى بضعة نقاط من نفس هذه البطولة التي أبدع فيها كونتي و اقنع ، اولها ان ايطاليا كانت اقرب للفرقة العسكرية منها لفريق كرة قدم و شاهدنا تضحيات بدنية و غرينتا و انضباط تكتيكي مهول في الميدان ، صفات و ميِّزات غرسها كونتي غرساً في لاعبيه. الآن سأطلب منك تحويل نظرك تجاه لاعبي تشلسي و اخبرني هل تستطيع فقط ان تتخيل فابريغاس و هو يلعب بغرينتا او يضحي بدنياً من اجل الفريق ؟ ام هل ترى في هازارد و اوسكار الحالي اللاعب الذي ينضبط تكتيكياً و يعود للمساندة الدفاعية؟ في الحقيقة فإنه و من قبل تعيين كونتي حامت شكوك كثيرة حول استمرار هؤلاء النجوم مع الفريق و الآن و مع قدوم الايطالي فإن الشكوك قد تضاعفت بكل تأكيد فهي أسماء كسولة من دون الكرة و على الأغلب لن تستطيع مجاراة رجل حربي مثل كونتي و لا هو سيطيق وجودها في فريقه . أمرٌ آخر ، عِيبَ على تشلسي مورينو بعضاً من الملل و الرتابة في الأداء لكن على الأقل مورينو كان يعطي هازارد حريته كي يمتع جمهور الستامفورد بريدج ، أما مع كونتي فلا اعتقد ان تتحسن هذه الناحية على الإطلاق.
قبل مباراة بلجيكا – و تكرر الأمر أيضا أمام اسبانيا- تحدثت مختلف الصحف و الشبكات التلفزيونية عن اغلاق كونتي لتدريبات المنتخب الايطالي و منعه لمندوبي الاتحاد الايطالي أنفسهم من حضور التدريبات ، و اذكركم من قبل بصداماته مع أدارة اليوفي عندما حاول ان يفرض على الإدارة صفقاتٍ بعينها ، لكن هل يُسلِّم مالك متسلط كابراموفيتش مفاتيح البيت الأزرق بأكملها لكونتي دون تدخل منه؟ لا اعتقد.
نقطة سلبية أخرى و هي محدودية خيارات تشلسي في السوق مع المدرب الجديد فمن الصعب ان تجتمع الجودة العالية مع روح قتالية عالية كالتي يطلبها المدرب في لاعب واحد سوى استثناءات قليلة – ككانتي مثلاً الذي نجح البلوز في التوقيع معه- اما معظم الأسماء المتوافرة في السوق حالياً و تتنافس عليها الأندية – كهيغواين و بوغبا و اوباميانغ – من الصعب ان يكون العمل مع كونتي بقيوده التكتيكية هو خيارهم الأول .
أؤكد مرة اخرى ان من حق جماهير تشلسي ان تسعد بقدوم مدرب بقيمة تكتيكية عالية مثل كونتي و ان تتفائل بمشروعه القادم مع البلوز ، و لكن عليهم الانتباه ان كونتي سيقوم بإجراء تغييرات كبيرة على مستوى العقلية و الأسلوب السائدين في النادي حالياً ، تغييرات تقرب الى ان توصف بالثورة و لا ثورة بدون ضحايا و قَلَّ ان تجد ثورة تؤتي أُكلَها سريعاً ، ففي سبيل تغيير العقلية لا بد من التضحية بأسماء ارتبطت بها قلوب المشجعين كثيراً في السنوات الماضية و عليهم الاستعداد لتوديعها . فكما يقولون “مفيش حلاوة من غير نار”.
و كتأكيد اخير على التغييرات الكبيرة التي سيشهدها البيت الأزرق في عهد كونتي أذكركم بان تشلسي و منذ فترة مورينو الأولى في 2004 و هو فريق مبني على الأجنحة السريعة و المرتدات ابتداءاً من عهد روبن و داميان داف مرورا بمالودا و كالو و انتهاءاً بهازارد و ويليان اليوم ، ثم انقل لكم تصريحاً لكونتي نفسه قبل ستة أسابيع فقط من تاريخ اليوم : ((أقوم بكل شيٍءٍ الا المرتدات ، لا العب على المرتدات ابداً بل أنني لا أدرب اللاعبين عليها ، ليست في قاموسي )).
