اكتسح برشلونة ضيفه جيرونا ، بستة أهداف مقابل هدف ، في المباراة التي جرت أطوارها على أرضية ملعب الكامب نو ، ضمن فعاليات الجولة 25 من مسابقة الدوري الإسباني .

وإليكم تحليل هذه المباراة ..

مشاهدة المباراة أوحت لي بمشهد تاريخي كان بطله الامبراطور الروماني نيرون أغريبينيا الذي حرق روما ، بعد أن أغرقها في الفتنة ، وصور له خياله بأن يقوم بإعادة بناء المدينة عن طريق حرقها أولاً وكان نيرون بجبروته يترقب المشهد أثناء جلوسه مستمتعاً بما يرى على برجٍ مرتفع ، بينما تتعالى صرخات الضحايا من جراء النيران التي كانت تلتهم أجسادهم دون رحمة .

هذا ما حدث تماما اليوم من جانب جيرونا .. مباراة وقراءة خاطئة من بابلو ماشين جعلت الستة أهداف التي استقبلتها شباك ياسين بونو مستحقة ، فعوضاً عن الجودة الفنية العالية والفارقة عند عناصر برشلونة مقارنة بعناصر الجار ، فإن ماشين لم يضع الخطة المناسبة للبقاء في المباراة أطول فترة ممكنة ، فلم ينجح في المحافظة على هدف التقدم المبكر ووقف على خط التماس مجسداً دور المتفرج ، وكأنه نيرون الذي اكتفى بمشاهدة الامبراطورية الرومانية وهي تحترق .

اللعب بخط دفاع متقدم طيلة اللقاء لم يكن مفهوماً بتاتاً أمام فرديات برشلونة الجبارة سواء في التمرير أو الانسلال خلف المدافعين ، ميسي يمكنه أن يضرب دفاعاً مكدساً في الخلف فكيف بدفاع يبعد عن الحارس بونو بأكثر من 30 متراً ؟! برأيي فإن جيرونا كان يحتاج لطريقة لعب مختلفة لإبعاد برشلونة عن مرماه ، واستغلال بورتيو ولوزانو بإرسال كرات عرضية أكثر لهم ، لكن ذلك لم يحدث ، ولم يُفكر ماشين في تغيير أفكاره حتى قانعاً بسيناريو المباراة ، ليلف حبل الانتحار حول عنقه بكلتا يديه .

لا يمكن الحديث عن جيرونا دون ذكر خوان بيدرو الذي كان نقطة ضعف كبيرة في الفريق الكتالوني ، اللاعب تسبب في هدف برشلونة الأول وكسر مصيدة التسلل التي وضعها فريقه ، ولم يكتف بذلك فقد كان سيئا في جميع تدخلاته الهوائية وكانت تغطيته كارثية وكان السلبية التي نجح رفاق ميسي في استغلالها .

في الحقيقة ، فوز برشلونة لم يكن فقط بسبب سذاجة مدرب جيرونا في التعامل مع المباراة ، بل هناك أسباب أخرى مثل تنوع أساليب اللعب ، ما بين العمق والأروقة ، الظهيرين يصعدان باستمرار ليقدما الدعم الهجومي ، وخروج لويس سواريز للجهة اليسرى جعل منه العنصر المباغت والرجل الذي لم يضرب له الخصم حساباً ، أما في الجهة اليمنى فقد أدى عثمان ديمبيلي اللازم وخلق متاعب كثيرة للخصم بانطلاقاته وتمريراته الجانبية ليصنع هدف لويس سواريز الثالث .

وإذا ما أضفنا لهذا التنوع وهذه الأسلحة الكثيرة رجلاً خارقاً كميسي ، فإنه من الطبيعي مشاهدة برشلونة بقوة واكتساح كبيرين في الثلث الأخير من الملعب مع هيجان شبه تام على دفاع جيرونا الذي لم يعرف كوعه من بوعه .. وبالحديث عن ليونيل وجب الإشارة إلى أنه كان اليوم متحرراً ولم يركز فقط على العمق ، بل كان يناوب أيضاً بين الجهتين وهو أمر يجب الاستمرار عليه لأنه يزيد من خطورته ويكون غير متوقعاً في تحركاته .

خرج برشلونة بالعديد من المكاسب من مباراة اليوم ، ابتعد بصدارة الدوري ، وسجل كوتينيو هدفه الأول في الليجا ، وعاد الثنائي ميسي وسواريز للتسجيل معاً بعد غياب طويل ، ناهيك عن مساهمة عثمان ديمبيلي في صناعة الهدف السادس ولو أن اللاعب فردياً كان متسرعاً ومرتبكاً في بعض الأحيان .

في الأخير ، ظهرت على برشلونة بعض الهفوات الدفاعية ، والأمر راجع بالأساس للأخطاء الفردية للاعبي الوسط ، ولكن يمكننا غض الطرف عن هذه الأخطاء ، على اعتبار أن الفريق خاض مباراة مرهقة قبل أيام أمام تشيلسي ، بوسكيتس وراكيتيتش بالذات بدا عليهما الإرهاق أكثر من أي لاعب آخر .

لمتابعة الكاتب على فيسبوك :