فينيسيوس وأوديجارد .. مشكلة ريال مدريد في اكتشاف المواهب الشابة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • “ليس لدينا شك في أنك ستحقق نجاحاً عظيماً في ريال مدريد، نحن فخورون بالتعاقد معك”  هكذا استهل إيميليو بتوراجينو مدير العلاقات العامة في ريال مدريد خطابه الافتتاحي في تقديم اليافع مارتين أوديجارد لوسائل الإعلام في يناير 2015 ، بدون شكوك وبتوقعات مرتفعة جداً بدأت رحلة أوديجارد في النادي الأبيض.

    وفقا لأخبار ريال مدريد اليوم مر أكثر من 3 أعوام ونصف على خطاب بوتراجينو، أوديجارد اليافع (16 عام) أصبح شاباً وعلى أعتاب إتمام عامه العشرين في ديسمبروفق المقبل، فيما من الواضح أن المعادلة تغيرت الآن وتبدلت ولم تعد كما كانت عليه في يناير 2015.

    أوديجارد ما زال غير قادر على إقناع أي مدرب في ريال مدريد بإمكاناته، بدءاً من كارلو أنشيلوتي موسم 14\2015 والذي اعتمد عليه في مباراة واحدة كبديل في الدوري الإسباني، ثم مروراً بموسم 15\2016 مع رافاييل بينيتيز، قبل أن يكمل العهد مع زين الدين زيدان في الموسمين التاليين، وانتهاءً بالإسباني جولين لوبيتيجي الذي يقال أنه طلب إعارة النرويجي لنادي آخر في ظل عدم اقتناعه بمستواه، وهو ما أدى لعدم إشراكه بشكل منتظم في المباريات الودية التحضيرية للموسم.

    في 3 أعوام ونصف لم يستطع أوديجارد لعب أي مباراة رسمية باستثناء المباراة التي خاضها بهدية خاصة من كارلو أنشيلوتي نهاية موسم 14\2015، فيما لم يقدم الأداء العظيم جداً مع ريال مدريد كاستيا في دوري الدرجة الثالثة الإسباني مسجلاً 5 أهداف في 65 مباراة، قبل أن تتم إعارته في يناير 2017 إلى هيرنفيين الهولندي لمدة عام ونصف خاض خلالها 43 مباراة وسجل 3 أهداف وكان لاعباً أساسياً ضمن صفوف الفريق، وقدم أداءً جيداً.

    لكن عملية البحث عن إعارة أوديجارد مجدداً في الصيف الحالي فتحت الباب أمام عدة تساؤلات لمعرفة إن كان مارتين هو نجم المستقبل حقاً في ريال مدريد أم أن الآمال التي بنيت حوله لم تكن منطقية.

    أوديجارد ليس صغيراً في السن

    أي تساؤل يخص مارتين أوديجارد يتم الإجابة عليه من قبل معظم عشاق ريال مدريد بأنه “ما زال صغيراً في السن” وفي الحقيقة هذه الإجابة ربما كانت مقنعة بالماضي، لكنها غير مقنعة بالوقت الحالي.

    أوديجارد يبلغ من العمر 19 عاماً وثمانية أشهر، وبعد أشهر قليلة سيتم عامه العشرون، وربما نرى أن هذا السن صغير جداً لكنه بالحقيقة ليس كذلك، ففي عمر كهذا من المفترض أن يقنع اللاعب مدربه لكي يكون بديلاً أول في صفوف الفريق على أقل تقدير، أي أن يحظى بثقة المدرب بالجلوس على دكة البدلاء ونيل بعض الدقائق للعب في المباريات الهامة بل وفي الأوقات المعقدة لتغيير مجرى المباراة.

    ما يحدث مع مارتين ليس كذلك، فالمدرب لوبيتيجي لم يعتمد عليه كما يجب في المباريات الودية، فكيف له أن يعتمد عليه بالمباريات الرسمية؟ كما أن البحث عن إعارته في سن 20 عام أمر لا يدعو للتفاؤل كثيراً ما دام أنه آتي من فترة إعارة لمدة عام ونصف.

    ومن الضروري هنا أن نذكر نجوم عظماء بدؤوا مسيرتهم كأساسيين مع أكبر أندية أوروبا في سن صغير جداً، ونذكر منهم في السنوات الأخيرة ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، تشافي هيرنانديز، أندريس إنييستا، راؤول جونزاليس، ديفيد بيكهام، رايان جيجز، بول سكولز، ستيفن جيرارد، مايكل أوين، وحتى في الوقت الحالي نشاهد نجوماً مثل كيليان مبابي الذي قاد فرنسا للتتويج بلقب كأس العالم.

    نعم، نحن لا نقارن بين أوديجارد وميسي على سبيل المثال، ففي ذلك ظلم لكلا اللاعبين، ولا نستطيع مطالبة أوديجارد بالاقتراب من هذا المستوى، لكن يجب توضيح نقطتين في هذه المسألة:

    1- أوديجارد ليس ميسي، لكن لم يطلب منه بالأساس أن يكون مثل ميسي بسن 18 عام، ليونيل في ذلك السن لعب أساسياً، وما يطلب من أوديجارد في سن 20 عام أن يحظى بثقة مدربه ليكون بديلاً على أقل تقدير، وفي ذلك فارق كبير.

    2- ريال مدريد حينما تعاقد مع أوديجارد لم يكن يريده أن يصبح ميسي أو رونالدو أو حتى تشافي، لكن ذلك لا يعني أن النادي لم يكن ينظر له على أنه أحد أفضل لاعبي العالم بالمستقبل، وحتى يكون أحد أفضل لاعبي العالم فيجب أن يثبت ذلك كشاب بسن 20 عام كبديل على أقل تقدير.

    فينيسيوس يسير على خطى أوديجارد .. موهبة مميزة ولكن!

    فينيسيوس جونيور هو الآخر نرى أن المعادلة نفسها تتكرر معه، اليافع يحظى بدقائق قليلة في بعض المباريات الودية مثل كأس سانتياجو برنابيو، ويقال أن ريال مدريد يفكر بإعارته لنادي آخر رغم أنهم لا يملكون العديد من المهاجمين ضمن صفوف الفريق!

    لا أنكر أن فينيسيوس ما زال صغيراً بالسن (18 عام) ولا يمكن مطالبته باللعب أساسياً مع ريال مدريد، لكن يجب علينا أن نتذكر بأن فلورنتينو بيريز وصفه بـ “الظاهرة” حين التعاقد معه، بل قال أن كل من شاهد هذا اليافع قال أنه “ظاهرة” وسيصبح نجماً عظيماً.

    السؤال هنا، هل البرازيلي رونالدو الذي لقب بالظاهرة كان غير قادر سوى على القيام ببعض المراوغات البسيطة في سن 18 عام؟ معرفة الجواب على هذا التساؤل تلخص لنا حال فينيسيوس، فالظاهرة الحقيقية كان في سن 18 عام نجماً من أعلى طراز ضمن صفوف آيندهوفن الهولندي، وفي سن 19 عام انتقل إلى برشلونة الإسباني وأصبح أفضل لاعباً في العالم بعد إبهاره الجميع في الدوري الإسباني، لذلك إن كان فينيسيوس ظاهرة بالفعل فلن ينتظر حتى سن 24 عام حتى يبرز، بل سيفعل ذلك وهو في سن 18 عام.

    وحتى أكون صادقاً فإن مراقبة فينيسيوس في المباريات الودية تشعرك بأنك أمام شاب موهوب بالفعل، ذكي، ويملك أفكار رائعة في التمرير، سريع ولديه روح المبادرة، لكن يجب أن لا ننسى بأن تحكمه بالكرة ما زال بحاجة للمزيد والمزيد من الصقل، قدرته على حسم المباريات بحاجة للصقل، كما أن أسلوبه بالمراوغة مكرر ولا يوجد فيه ابتكار ويشعرك بأنه نسخة مصغرة من روبينيو.

    فينيسيوس يملك الخامة المميزة وهو بحاجة للصقل والتطوير، لكن حينما دفع ريال مدريد 45 مليون يورو عليه قبل عامين فإن الهدف كان أن يصبح نجماً من أعلى طراز في أسرع وقت ممكن لأن مبلغ كهذا كان يمكن للنادي استخدامه لجلب لاعب متوسط المستوى، أي لا يشترط دفعه على يافع بسن 16 عام ليصبح أغلى ناشئ بالتاريخ ثم انتظار أن يصبح نجم جيد بعد 10 أعوام.

    مشكلة ريال مدريد في أوديجارد وفينيسيوس وجميع الشبان

    لنعد إلى بداية الموضوع ونقف على تصريح بوتراجينو، مدير العلاقات العامة في ريال مدريد توقع أن يحقق أوديجارد نجاحاً عظيماً، بل أشار إلى أن النادي فخور بالتعاقد مع موهبة عظيمة بمواصفاته، فيما قال بيريز بأن فينيسيوس هو “ظاهرة” المستقبل.

    مشكلة ريال مدريد في هذا الجانب بأنه يقيم اللاعب الناشئ بناءً على موهبته فقط وبالنسبة لتفوقه على أبناء جيله بالوقت الحالي، وهذه ثغرة حقيقية في طريقة التعاقد مع اللاعبين الشبان.

    حتى تصل الفكرة فيجب توضيح أمرين هنا:

    أولاً، الناشئين الذين ينافسون اللاعب المتألق في سن 16 أو 17 عام ليسوا نجوماً بالأصل. فمثلاً، لو جلبنا فريق ريال مدريد تحت 16 عام قبل 10 أعوام فسنجد أن هناك 3-4 لاعبين فقط أصبحوا نجوماً من أعلى طراز في الوقت الحالي وهو ما اتضح بالفعل في فريق يافعي ريال مدريد عام 2006 في صورة نشرها أحد لاعبي الفريق السابقين، فيما أنهى البعض مسيرته بوقت مبكر، أو أصبح يلعب بالدرجات الدنيا أو مع الأندية الضعيفة في الدرجات الأولى، وهو ما يعني بأن معظم المنافسين في هذا السن ليسوا بالجودة الكافية من الأساس لكي يقيم المتألقون بناءً عليهم.

    لا ننسى أننا هنا نتحدث عن يافعي ريال مدريد، فما بالك بنادي نرويجي أو نادي برازيلي اللذين بالأساس لا يملكون أفضل اللاعبين في الفرق الأولى.

    ثانياً، امتلاك الشاب موهبة عظيمة، بل والتفوق من خلالها على لاعبين من فئة سنية أعلى، لا يعني أن اللاعب سيصبح أحد أفضل لاعبي العالم بالمستقبل، فالمسألة لا تتعلق بالموهبة فقط بل في أمور أخرى يصعب قياسها في الشاب اليافع والتعرف عليها وهي:-

    مدى الطموح، الإصرار على النجاح والاستمرار بالمحاولة ورفض الفشل، القدرة على التطور باستمرار عبر تقييم السلبيات ومحاولة تحويلها لنقاط قوة في أسلوب أداء اللاعب، قوة الشخصية والثقة بالنفس، العقلية الاحترافية والتي تشمل القدرة على ضبط النفس للابتعاد على عن معوقات النجاح ومغريات الحياة مثل كثرة السهر وكثرة شرب الكحول وممارسة الجنس بشكل مفرط، والتدخين وتناول طعام غير صحي للرياضيين… الخ.

    هذه العوامل يصعب قياسها في شاب يافع بسن 16 عام لأن شخصيته بالأساس لا تكون قد تبلورت بعد، وهي بحاجة لمختصين في هذا الشأن لتحديد مدى قدرة الشاب على تطوير قدراته بناءً على المعطيات السابقة.

    من الواضح أن ريال مدريد حينما رفع سقف التوقعات حول أوديجارد وفينيسيوس أو أي شاب آخر، لم يأخذ في حسبانه هذه الثوابت في عالم كرة القدم، ولو أخذها بعين الاعتبار لما رفع سقف التوقعات حول أي شاب يافع بهذه الطريقة، نحن هنا لا نتحدث عن تصريح عابر من مدرب يحاول خلاله دعم اللاعب الشاب نفسياً وتعزيز ثقته بنفسه، بل عن رؤية النادي لهذا اللاعب ومعاملته كنجم من أعلى طراز وهو لم يصبح نجماً بعد.

    وحتى أكون منصفاً في نهاية طرحي فإنني مضطر للتأكيد مجدداً على امتلاك فينيسيوس وأوديجارد الموهبة المميزة جداً وتفوقهم على الكثير من أبناء جيلهم، بل وامتلاكهم القدرة على النجاح في عالم الاحتراف ليصبحوا من أفضل لاعبي العالم، لكني مضطر أيضاً لتكرار نفس الفكرة بأن المسألة مناطة باللاعب نفسه ومدى قدرته على تطوير نفسه والابتعاد عن كل ما يضر به، المسألة مناطة بعقلية اللاعب الاحترافية وهو الرهان الحقيقي هنا.