أحياناً حينما تسوء الأمور فأنت بحاجة لأن تجرب حلاً جديداً وفكرة غير متوقعة لتخرج من المأزق، زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد لم يكن مقتنعاً إلى حد كبير بهذه الفكرة حيث فضل دائماً إشراك تشكيلته المفضلة في الموسمين الماضيين إن كانت متاحة، وواصل الاعتماد عليها مباراة تلو الأخرى إلا في حال غاب أحد اللاعبين للإصابة أو الإيقاف.
تشكيلة زيدان المفضلة يعرفها الجميع وتتكون من: نافاس، كارفاخال، راموس، فاران، مارسيلو، كاسيميرو، مودريتش، كروس، بيل، بنزيما، كريستيانو رونالدو.
مراهنة زيدان على هذه التشكيلة، مع إجراء بعض التعديلات أحياناً عبر الدفع بإيسكو مكان أحد أضلاع ثلاثي خط الهجوم لم يأتي من فراغ بل ناجم من استفادته منها عبر تحقيق لقبين لمسابقة دوري أبطال أوروبا بشكل متتالي.
لكن ريال مدريد لم يظهر بنفس الصورة التي ظهر عليها في الموسمين الماضيين، ولم تساعده هذه التشكيلة على تقديم أفضل ما لديه في الملعب، لكن الملفت أن التشكيلة البديلة “نسبياً” هي من حققت أفضل النتائج بتواجد فاسكيز وأسينسيو على الأطراف أمام لاعبي المحور مودريتش وكروس وخلف المهاجمين بنزيما ورونالدو.
ما يظهر لنا بأن ريال مدريد يحقق أفضل نتائجه حينما يتم الدفع بالسداسي المذكور في خط الوسط وخط الهجوم سوياً، البداية كانت أمام أبويل وانتصر الريال حينها بنتيجة 6-0 ، ثم أمام إشبيلية وحقق الفريق الانتصار عبر الشوط الأول 5-0 ، بالإضافة لمواجهة ريال سوسيداد أمس والتي انتهى شوطها الأول 4-0 وبقيت النتيجة كذلك حتى استبدال اللاعبين.
ليس هذا فقط، ريال مدريد قدم أفضل مباراة له في الموسم حينما تكررت تشكيلة مشابهة امام برشلونة في إياب كأس السوبر الإسباني والتي كان الاستثناء الوحيد فيها عدم مشاركة رونالدو للإيقاف والدفع بكوفاسيتش في مكانه وحينها انتصر الريال بنتيجة 2-0.
وبشكل عام فإن فاسكيز وأسينسيو لعبا سوياً كأساسيين في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا 6 مرات وحقق ريال مدريد خلال هذه المباريات 5 انتصارات وتعادل مرة واحدة، كما انتصر على برشلونة في كأس السوبر، لتكون الحصيلة 23 هدفاً مقابل تلقي شباك الفريق 5 أهداف فقط، إثنان منها أتيا بعد استبدالهما !
لا نعلم إن كان كل ذلك صدفة أم لا، لكن نستطيع تحليل فوائد تواجد الثنائي على الأطراف خصوصاً حينما يتواجد توني كروس ولوكا مودريتش في وسط الملعب.
الميزة الأولى التي تتواجد في فاسكيز وأسينسيو حينما يلعبا سوياً وبدون كاسيميرو أنهما يلتزمان بتعليمات زيدان، المدرب الفرنسي يعطي أوامره للثنائي بمساعدة الظهيرين بشكل جاد على الأطراف لأداء الواجب الدفاعي حين فقدان الكرة وتقدم المنافس بها لملعب الريال، لكن الأهم قبل هذا كله أنهما يعملان بشكل جاد وقاسي للضغط على المنافس ومنعه من أخذ الأريحية والوقت للتفكير في شن الهجمة المرتدة.
ريال مدريد في الموسم الحالي يلعب بخط دفاع متقدم جداً وعدد كبير من اللاعبين في ملعب المنافس، زيدان يريد وضع المنافس تحت الضغط في مناطقه حتى حين خسارة الكرة، لكن المشكلة الدفاعية التي تنجم عن ذلك بأن إيسكو، جاريث بيل، كريم بنزيما، كريستيانو رونالدو لا يضغطون بشكل جيد على حامل الكرة من المنافس، وكروس ومودريتش يلجآن بالغالب لإغلاق المساحات بدلاً من الضغط خوفاً من ترك المزيد من المساحات في ظهرهما.
إذاً نحن أمام خط وسط لا يضغط، وخط هجوم كسول، وفريق يلعب بخط دفاع متقدم جداً، ماذا يحدث هنا؟ المنافس يحصل على أريحية تامة في التفكير، التروي، ثم شن الهجمة المرتدة بدون صعوبات كبيرة.
كاسيميرو لن يكون له دور هنا، فهو يصبح وحيداً بالخلف ولا يستطيع فعل شيء لوحده، وفي حال تقدم بنفسه للضغط فإنه سيترك مساحة كبيرة بين خط الدفاع وخط الوسط يسهل على المنافس استغلالها، كما أن المشكلة تفاقمت أكثر وأكثر بسبب مطامع كاسيميرو الهجومية بالموسم الحالي وانخفاض تركيزه بشكل واضح على أداء الواجب الدفاعي.
لذلك حينما يتواجد أسينسيو وفاسكيز سوياً في الملعب فإنهما يوفران ضغط أفضل من بقية اللاعبين، ويمنعان المنافس نسبياً من الحصول على الراحة حينما يمتلك الكرة لشن الهجمة المرتدة، كما يظهر كروس ومودريتش جدية أكبر للتعاون والتمركز لإغلاق المساحات بدلاً من ترك المهمة لكاسيميرو الذي لا يقدم مستوى مقنعاً.
هذا كله في الشق الدفاعي، أما الشق الهجومي فإن أسينسيو وفاسكيز يفتحان أطراف الملعب بشكل أفضل، كما يظهران تعاوناً كبيراً مع رونالدو وبنزيما في عملية التناوب وتبادل المراكز، وكل ذلك يخلق حركية أفضل حول حامل الكرة وهو شيء لا يوفره جاريث بيل حينما يلعب بجانب بنزيما ورونالدو الذي يكتفي بالتسمر في مركزه على الجناح الأيمن، فيما يخفق إيسكو تماماً في تبادل المراكز مع ثنائي خط الهجوم.
بالإضافة إلى هذا كله فإن فاسكيز وأسينسيو ليسا جيدان بالحفاظ على الكرة وتدويرها وقراءة الملعب، مما يحول الريال لفريق أكثر مباشرة على المرمى وبوجد المساحات ودفاع غير منظم، مع توفر ضغط عالي أفضل فإن الريال يصل للشباك بشكل أسرع وأكثر سهولة.
كما قلت سابقاً، لا أستطيع التأكيد بنسبة 100% بأن فاسكيز وأسينسيو مع مودريتش وكروس، وخلف بنزيما ورونالدو هي التشكيلة الأفضل لريال مدريد، فربما تكون النتائج الإيجابية عائدة إلى ضعف المنافسين فقط، كما لا نستطيع القول بأن استبعاد كاسيميرو عن تشكيلة ريال مدريد أفضل حل لمواجهة باريس سان جيرمان، لأنه ليس من السهل استبعاد لاعب الارتكاز الدفاعي أمام فريق هجومي.
لكن ما أقوله هنا بأن التجربة أظهرت تفوق ريال مدريد كلما لعب بهذه التشكيلة، مثلما أظهرت ضعف الريال كلما لعب بتشكيلة مغايرة، لذلك منطقياً يفضل الاعتماد عليها ضد باريس.
ربما يراها الكثيرون مغامرة غير محسوبة أمام فريق بحجم باريس سان جيرمان، لكن شخصياً أرى أن المغامرة الحقيقية تكمن بالاعتماد على ذات التشكيلة والتكتيك الذي أخفق مراراً وتكراراً في الموسم الحالي بدون أن أحاول إجراء أي تعديل لإنقاذ الموقف.
** فيديو تحليل يلخص أبرز الملاحظات في فوز ريال مدريد على ريال سوسيداد
