موقع سبورت 360 – تعود عجلة بطولة دوري أبطال أوروبا، للدوران من جديد، ومع بداية كل موسم تتباين طموحات الأندية في القارة العجوز بين الوصول لمراحل متقدمة أو المنافسة على اللقب أو حتى الظهور بوجه مشرف.. ويعد برشلونة الإسباني أحد الفرق الطامحة لمعانقة اللقب هذا الموسم، خاصة بعد الغياب عن التألق الخارجي منذ 3 سنوات.

ورغم أن تشكيلة برشلونة تزخر بأجود اللاعبين الموجودين على الساحة الكروية، إلا أن الفريق واجه الخروج المتتالي من ربع نهائي البطولة المذكورة خلال 3 مرات سابقة، وهو ما يجعله مطالباً بالقيام بردة فعل سريعة قصد العودة إلى الواجهة الأوروبية وحصد الأخضر واليابس كما اعتاد على ذلك في سنوات خلت.

ونستعرض معكم في هذا التقرير، ما يحتاجه برشلونة لاستعادة هيبته الأوروبية وتحقيق الكأس ذات الأذنين:

استعادة حدة الضغط المبكر:

افتقد برشلونة كثيراً خلال الموسم الماضي للضغط الشرس الذي كان يفرضه بوسكيتس وراكيتيتش في مناطق الخصوم، بالإضافة لألبا وروبيرتو عبر الرواقين من أجل استعادة الكرة بسرعة، وهو ما جعل الكرات التي تصل لمنطقة الفريق تكثر بشكل ملحوظ، وإن تمكّن برشلونة من استرجاع تلك الخصلة، فإنه سيكون قد استعاد جزءاً مهماً جداً من قوته وسيتمكن حينها من محاصرة خصومه لفترات أطول من المباراة في مناطقهم، لكن الفريق لا يبدو جاهزاً بعد للقيام بذلك، بسبب أسلوب إرنستو فالفيردي المتكئ قبل كل شيء، على التحفظ الدفاعي والتراجع للخلف، وهنا سنفتح باباً نعبر من خلاله إلى النقطة الموالية.

عدم الميل للدفاع:

هل الدفاع عيب؟ لا، هل الميل للدفاع بدون داعي عيب؟ لا، هل الميل للدفاع في وقت يمكنك فيه أن تحكم قبضتك على اللقاء عيب؟ نعم.

التحفظ والتراجع للخلف أمر بات متأصلاً في برشلونة منذ مجيء إرنستو فالفيردي، لكن المشكل لا يكمن هنا فقط، بل أيضاً في الطريقة التي يدافع بها الفريق الكتالوني من خلال تسجيل هدف التقدم ثم التراجع، ولعب الكرات الاستهلاكية للوقت، على الرغم من قدرته على تعزيز التقدم.

لا شك في أن كل المحاولات المنطقية لتفسير اعتبار الدفاع خياراً آمناً لفريق لا يعرف الدفاع، ستذهب أدراج الرياح، لكن يمكن القول إن منظومة برشلونة الدفاعية هشة ومترهلة من الأساس، وتكاد تكون عرضة للسقوط أمام أي خصم كان، فالفريق عموماً غير ملم بأبجديات التمركز خلف الكرة، ناهيك عن أن اللاعبين لا يعملون ككتلة واحدة في التصدي لهجمات الخصم، وهو ما يجعل طريق الخصوم نحو مرمى تير شتيجن معبداً ومفرشاً بالورود.

تجنب التواكل على ميسي:

يُقال دوماً إن نقطة قوة شيء ما قد تتحول سريعاً إلى نقطة ضعفه في حال تم السيطرة عليها، هذا معروف في العلوم العسكرية وأيضاً الكروية وظهر كثيراً مع البرغوث الأرجنتيني الذي يمتلك مفاتيح أداء برشلونة بين قدميه، سواء بالتمريرات البينية ما قصر منها وما طال، أو التسديدات القوية التي تعانق الشباك بسهولة، أو بمراوغاته التي تخلق الخطورة من العدم، أو بتوزيع مناطق اللعب في الهجوم ما بين اليمين واليسار والعمق.. لكن كل هذا قد ينهار فجأة إن تعرض ليونيل ميسي للحراسة اللصيقة من المنافس وبزيادة عددية وقوة بدنية، فهنا يكون تأثير البولجا سلبياً، لأن الفريق فجأة يفقد قائده فيظهر التشتت عليه ويُصبح تمرير الكرة سريعاً وفي أي اتجاه هو الهاجس الأهم، ليتراجع الأداء الهجومي بقوة ويفقد بوصلته لأن الجميع في الأمام يعتمد وينتظر تمريرات ليو سواء الطولية أو البينية، وحين تختفي تقف المنظومة إلا من تحركات فردية نادراً ما تسفر عن شيء.

أنا هنا لا أرمي إلى انتقاد ميسي، فما من مدرب يملك لاعباً بقدرات البولجا، إلا ويستغله في حسم المباريات، لكن يجب التأكيد على أن من بين مشاكل فالفيردي التي لطالما دفع الفريق ثمنها، هي الثقة الكبيرة في ليو والاعتقاد بأنه قادر على قيادة برشلونة نحو الفوز في كل مباراة وتحت كل الظروف، وهو أمر تطور مع مرور الوقت لتُصبح المجموعة بحلول هجومية قليلة في خطي الوسط والهجوم.

وضع الثقة في ميسي واللاعبين عموماً أمر جيد، لكن التواكل على البرغوث والاعتماد عليه بشكل مبالغ فيه يُعد صنفاً من صنوف الانتحار التكتيكي، لأنه يجعل حالة من الجمود الفني تتسل إلى داخل المدرب، وهو أمر لطالما شاهدناه خلال الموسم المنصرم، ولعل كارثة روما إلا خير دليل وأقرب مثال.

الاعتماد على المداورة:

دعني أسألكم سؤالاً.. متى آخر مرة حقق فيها برشلونة لقب دوري الأبطال؟ 2015، صحيح؟ وقتها لويس إنريكي واجه انتقادات لاذعة من الجميع في بداية الموسم بسبب كثرة التعديلات التي أجراها على تشكيلته بين كل مباراة وأخرى، لدرجة أنه خاض أول 23 مباراة بـ23 تشكيلة مختلفة، لكن النتيجة في النهاية كانت مشرفة ومبهجة، كون الفريق الكتالوني حصد الأخضر واليابس أوروبياً ومحلياً، حيث كانت المجموعة في أتم جاهزيتها البدنية خلال الأمتار الأخيرة من الموسم.

أعتقد أن فالفيردي مُطالب بارتداء جلباب إنريكي 2015 والاعتماد على سياسة المداورة حتى لا يكرر أخطاء الموسم المنصرم، فالفريق بات يملك أوراقاً ثانوية يمكن التعويل عليها في المباريات السهلة والمتوسطة بالليجا، فعوض التعامل مع دكة البدلاء كأنها عبء وملجأ للطوارئ، يجب إعطاؤها قيمة كبيرة جداً حتى يستطيع أن يجعل منها قوة إضافية، ناهيك عن أنه تلك السياسة ستمكنه من تجنب أي أزمة مرتبطة بالخيارات في فترة تزاحم المباريات، وكذلك بزوغ عناصر أخرى قد يصبح لها دور جوهري حين تدخل كاحتياطية في المواجهات المعقدة.

فالفيردي سيكون أيضاً مطالباً بالاستغناء عن كأس ملك إسبانيا، لأنها باتت بطولة لا تشفي غليل الجماهير، بل أصبحت مصدراً لإنهاك اللاعبين وإفراغ خزانهم من الطراوة البدنية، فمن غير المعقول أن يقحم المدرب الباسكي أسماءه الأساسية منذ الدور الـ16 لحسم التأهل أمام فرق مثل سيلتا فيجو وإسبانيول، في الوقت الذي يمتلك فيه حرية منح العناصر الاحتياطية فرصة المشاركة حتى يجدها جاهزة في أشهر الحسم.

شاهد أيضاً.. ميسي يصدم عشاق برشلونة