حصد برشلونة الأخضر واليابس على الصعيد المحلي هذا الموسم، وذلك بعد أن تمكن من التتويج بلقب الدوري الإسباني للمرة السابعة في آخر 10 سنوات، فضلاً عن فوزه ببطولة كأس ملك إسبانيا للمرة الرابعة على التوالي.. وعلى الرغم من الانتكاسات الكثيرة التي تعرض لها البلاوجرانا في بداية الموسم، إلا أن إرنستو فالفيردي نجح في فتح صفحة جديدة مع افتتاحية الليجا الإسبانية، إذ استطاع الفريق تحقيق النتائج الإيجابية، قبل أن يخسر مؤخراً ضد ليفانتي.

ولا يخفى على أحد أن إرنستو فالفيردي شخص هادئ جداً، ديبلوماسي، ومن أفضل مُدربي الليجا في تسيير غرفة الملابس والمؤتمرات الصحفية، وهي نقطة لم تكن لتخفى على مُسيري البلاوجرانا أثناء بحثهم عن مدرب جديد قبل بداية الموسم الجاري، إذ إنهم كانوا يريدون قدر الإمكان تفادي تلك المشاحنات التي كانت بين وسائل الإعلام ولويس إنريكي، والتي تسببت أحياناً في خلق بعض الضغوط الإضافية على النادي ككل.

طبعا لا داعي لتكرار نفس الكلام الذي رددناه كثيراً منذ بداية الموسم الحالي، على غرار أن المدرب الباسكي انتشل برشلونة من دوامة الأزمات النفسية التي عصفت بأسوار الكامب نو، وأن رحيل نيمار دا سيلفا إلى باريس سان جيرمان والتخبط الإداري وضبابية الرؤية المستقبلية للنادي، كانوا بإمكانهم أن يتركوا الفريق الكتالوني يخرج بخفي حنين مع نهاية الموسم الجاري.. هذه الأمور بأكملها تطرقنا لها في مواضيع سابقة.. لذلك، فما نحن بصدده الآن، هو استحضار مجهر النقد والتحليل للتنقيب على أسوأ قرار اقترفه إرنستو فالفيردي، منذ توليه مهمة قيادة سفينة فريقٍ بدأ الموسم بخسارة كأس السوبر الإسباني بنتيجة ثقيلة ضد ريال مدريد.

الأمر عائد طبعاً للقناعة الشخصية لكل منا، فالمدرب الباسكي ارتكب العديد من الأخطاء الجسيمة، التي لولاها لكان موسم البلاوجرانا أفضل حالاً (التتويج بالثنائية لم ينل نصيبه المستحق من الفرحة من طرف المشجعين)، لكن يمكن القول إن الخروج ضد روما الإيطالي من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، كان له وقع سلبي على نفوس عشاق ولاعبي برشلونة، الذين دفعوا ضريبة الظهور بشكل سيئ في لقاء واحد، على الرغم من انتصارهم ذهاباً بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد.

صحيح أن إرنستو فالفيردي أظهر بصمة تكتيكية كبيرة، واتسم بالواقعية في جل مباريات الدوري الإسباني، وأظهر مرونة تكتيكية كبيرة جعلته يغير في رسمه الخططي ما بين 3/4/4 و2/4/4 وحتى 1/1/2/2/4، كما أنه روض لاعبيه على التلاؤم مع طريقة لعبه، وهذه الأمور مكّنته من التتويج بالثنائية المحلية التي لم تُشفِ غليل عشاق الفريق الكتالوني.. لكن ماذا عن الخروج بتلك الطريقة “المهينة” أمام الذئاب الإيطالية؟ صحيح أن اللاعبين يتحملون جزء اً من المسؤولية، إلا أن المدرب الباسكي يتحمل جانباً لا يستهان به من تلك الكارثة التي لن تمحى من ذاكرة البلاوجرانا.

الخطأ الأول الذي ارتكبه فالفيردي أنه أشرك تشكيلته الأساسية ضد ليجانيس قبل ثلاثة أيام من تلك المواجهة، على الرغم من ابتعاده عن أقرب الملاحقين بفارق 11 نقطة، الأمر الذي جعل الفريق يبدو كارثياً على الصعيد البدني في الأولمبيكو، وغير قادر على مجاراة إدين دزيكو وناينجولان ومانولاس في ألعاب الهواء وفي الثنائيات التي راح أغلبها للفريق الإيطالي.

أما الخطأ الثاني فيتعلق بتشكيلة المباراة، حيث أشرك فالفيردي كلاً من نيلسون سيميدو وسيرجي روبيرتو بشكل أساسي، ليدخل الثنائي في صراع عنيف على لقب الأسوأ مع قلبي الدفاع جيرارد بيكيه وصامويل أومتيتي من جانب، والمهاجم لويس سواريز من جانب آخر.. ورغم أن الفريق الكتالوني كان بحاجة لهدف وحيد فقط ليُخمد ثورة روما عند مهدها، إلا أن “النملة” وجد في التراجع والارتكان على حصر المعركة في منتصف ملعبه خياراً أسهل وأكثر أمناً، لذلك فضّل التمركز خلف الكرة في أغلب الأوقات، وهو رهان لم يكن كاسباً كما يعرف الجميع.

ولأن كل المحاولات المنطقية لتفسير اعتبار الدفاع خياراً آمناً لفريق لا يعرف الدفاع، ستذهب أدراج الرياح، فإن فالفيردي تعامل مع ظروف وحيثيات المباراة بشكل غير مفهوم بتاتاً، فبدا تائهاً وكأن عقله قد نخره السوس، إذ من غير المعقول أن يتأخر في التغييرات إلى حدود الدقيقة 81؟! والأكثر من ذلك أنه أشرك أندريه جوميز بدل أندريس إنييستا، قبل أن يدفع بعثمان ديمبيلي وباكو ألكاسير وكأنه اكتشف وجودهما فجأة على دكة بدلائه.. صحيح أن الفريق تحسن بعد تلك التغييرات، لكن الأمر جاء بعد فوات الأوان، ليخرج برشلونة من النافذة الضيقة.

هذه الأخطاء بأكملها اجتمعت في لقاء واحد، لذلك كان من الطبيعي أن يخرج برشلونة بتلك الطريقة، فالفريق الذي صنع الريمونتادا في الموسم الماضي ضد باريس سان جيرمان، شرب من نفس الكأس، وغادر ربع نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي، بسبب قرارات مدربٍ لم يتعلم من كوارث من سبقوه، ليكون خطأ الدفع بالتشكيلة الأساسية في جميع المباريات التي لا طائل من ورائها، بمثابة قطعة الدومينو الأولى التي ظلت تدفع ما أمامها، حتى وصلنا لأسوأ مباراة خاضها برشلونة هذا الموسم.

كم رقم قياسي حطمه مانشستر سيتي هذا الموسم وما هي أبرز التحديات التي تنتظره؟