نيمار

فقرة بعنوان “البعد النفسي في كرة القدم” نحاول تسليط الضوء من خلالها على الجوانب النفسية في عالم الساحرة المستديرة.

سيطرت لقطة مشاجرة نيمار مهاجم برشلونة مع زميله الجديد نيلسون سيميدو خلال التدريبات على المشهد الإعلامي في اليومين الماضيين، لاسيما وأن مستقبل المهاجم البرازيلي يحيطه الكثير من الجدل مؤخراً ويقال بأنه حسم قراره بالانتقال إلى باريس سان جيرمان المستعد لدفع الشرط الجزائي في عقده المقدر بنحو 222 مليون يورو.

الصحف العالمية أجمعت على وجود رابط بين اقتراب اللاعب من الرحيل عن برشلونة ودخوله في عراك مع سيميدو، وهي فرضية صحيحة، فالمهاجم البرازيلي قضى 4 سنوات في البرسا ولم يتصرف بهذه الطريقة على الإطلاق، وكان دائماً يظهر احترام كبير لزملائه في الفريق.

نيمار متوتر .. نظرية الصراع الداخلي

في علم النفس، يمكن تفسير الحالة التي يعيشها نيمار في الوقت الراهن بأنها “صراع داخلي”، ويفسر الصراع في علم النفس بأنه “حالة يمر فيها الفرد عندما لا يستطيع إشباع حاجتين معاً في الوقت ذاته، ويكون لكل منهما قيمة لديه”.

لو أردنا إسقاط هذا التعريف على وضع نيمار الحالي، فسنجد أنه حائر ما بين أمرين، الأول البقاء في برشلونة الذي يعد من أفضل أندية في العالم، ولهذا الخيار فوائد عديدة منها الحفاظ على صداقته مع ليونيل ميسي ولويس سواريز، وضمان المنافسة على الألقاب وبالأخص دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى البقاء في الواجهة الإعلامية.

والخيار الثاني يتلخص بالانتقال إلى سان جيرمان الذي سيضمن له دخل مالي أعلى بكثير مما يتقاضاه مع برشلونة، وسيمنحه فرصة للخروج من ظل ميسي والمنافسة على جائزة الكرة الذهبية، وبعيداً عن الأمور التحليلية لمستقبل نيمار، فهناك حقيقة واحدة لا يمكن دحضها، وهي أن اللاعب يعيش صراع نفسي قوي يسيطر على تصرفاته وردود أفعاله، حتى وإن كان يميل لأحد الخيارين على حساب الآخر.

حياتنا مليئة بالصراعات الداخلية، ففي كل يوم تواجه مواقف تضطر فيها للاختيار بين أمرين أو أكثر، لكن عندما يتعلق الأمر بقضية مصيرية ستحدد مستقبلك، فإن هذا الصراع يتحول إلى حالة نفسية معقدة، ومن أعراضه أنه يتسبب بشعور الشخص بقلق شديد، وفقدان للتركيز، وعصبية أكثر من المعتاد.

نتائج الصراع النفسي .. سيميدو لم يكن محظوظاً

نعود إلى موضوع المقال الرئيسي وهو تفسير لما حدث مع نيمار أثناء شجاره مع سيميدو، حيث كشفت بعض التقارير أن سبب الواقعة هو تدخل المدافع البرتغالي على نيمار بعنف خلال التدريبات، الأمر الذي لم يتقبله الأخير، ثم دخل الطرفين في مشادة كلامية، قبيل أن يفقد سيميدو أعصابه ويقوم بالهجوم على نيمار ومحاولة الإمساك به من عنقه.

بالتأكيد لا يوجد مصدر موثوق به للتأكد من هذا السيناريو، ولا يوجد أي دليل عليه أيضاً، لكن في الغالب هذا ما حدث كون مشاجرات الزملاء في الفريق الواحد نادراً ما تخرج عن هذا النطاق، لاسيما وأنه لا توجد علاقة مسبقة بين اللاعبين لنقول أن هناك نقطة خلاف بينهما.

في الوضع الطبيعي، كان نيمار سيتجنب كل ما حدث وربما يعاتب زميله على التدخل بطريقة لطيفة وينتهي كل شيء، لكن بسبب سيطرة أعراض الصراع النفسي عليه التي ذكرناها في النقطة السابقة، لم يتمكن نيمار من ضبط أعصابه، وهو ما دفعه لاستفزاز سيميدو ببعض الكلمات التي جعلت الأخير يلجأ إلى العنف، وهذا يتضح بالفيديو الذي انتشر للواقعة.

العقل اللاواعي وآليات الدفاع

عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد وضع العديد من آليات الدفاع التي يلجأ إليها العقل اللاواعي عندما يمر بفترة صراع داخلي أو يعيش تحت الضغط، ومن أبرزها آلية “النكوص”، وفيها يلجأ الشخص إلى سلوك كان يتصرفه في مرحلة الطفولة لكي يتجنب الضغوط النفسية التي يعيشها في الوقت الحاضر.

نيمار يعيش ضغوط من جميع الجهات، فهناك زملائه يحاولون إقناعه بالبقاء، وهناك والده يطالبه بالرحيل، وبين هذا وذلك الصحافة لا تتوقف عن الكتابة في الأمر، وفي هذه الحالات يقوم عقل الشخص بتفعيل آلايات الدفاع النفسية، والتي كانت في حالة نيمار “النكوص” كما أطلق عليه فرويد.

وتبعاً لذلك، من البديهي اكتشاف أن نيمار كان متهوراً وعدوانياً أحياناً في طفولته، وهذا مبرر عند معظم اللاعبين البرازيلين الذين نشأوا في بيئات غير مثالية، وهو ما جعله يتصرف بسذاجة مع سيميدو، لأن العقل قام بتفعيل آلة النكوص التي جعلته يلجأ لتصرف كان يقوم به في طفولته.