اللعب التموضعي .. الفلسفة التي جعلت كرة القدم أشبه بالشطرنج

محمد هشام 15:46 09/07/2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • تتقدم  كرة القدم كل يوم , وفي كل فترة تظهر تكتيكات جديدة و مبادئ مختلفة وفيهذا المقال , سنتحدث عن فلسفة أو مبدأ غير كثيراً في كرة القدم ومازال . فلسفة اللعب التموضعي , الفلسفة التي جعلت كرة القدم أشبه بلعبة الشطرنج .

    ما هو اللعب التموضعي ؟ وما غرضه ؟

    يٌعرف اللعب التموضعي بأنه فلسفة , فلسفة لديها العديد من المبادئ و الأغراض , ولكن المبدأ و الهدف الأساسي منها هو خلق التفوق سواء كان عددي , تمركزي أو نوعي. ففي حالة تحقيق الفريق لهذا التفوق أياً كان نوعه , يستطيع التحكم في المباراة و السيطرة على مجريات اللعب .

    اشتهر مصطلح التيكي تاكا كثيراً , و أعتقد أغلب المتابعين لكرة القدم أن اسلوب برشلونة الذي اشتهر به يكمن في الاستحواذ , أي السيطرة على الكرة و التحكم بها و تناقلها بين لاعبي الفريق , وهذا الاعتقاد خاطئ , فبالرجوع إلى حديث سابق لبيب جوارديولا, قال : الاستحواذ وسيلة و ليس غاية . و بمحاولة فهم هذا التصريح أو الحديث نفهم من بيب جوارديولا أن الغرض من الاستحواذ هو تناقل الكرات لخلق الفراغ اللازم , لخلق التفوق خلف خطوط الخصم , فالفرق التي تستحوذ على الكرة هدفها ليس الاستحواذ لمجرد ذلك فقط , بل لإرهاق الخصم بجعله يجري كثيراً من أجل خطف الكرة, بالاضافة إلى خلق التفوق خلف خطوط الخصم و ذلك ب”امتصاص” لاعبي المنافس و خلق الفراغ ورائهم .

    أنواع التفوق :

    manmarkingproblems

    يريد كل مدرب الفوز , قد تختلف الطريقة نعم , لكن الشئ المؤكد هو رغبة كل مدرب في تحقيق الفوز و جلب البطولات لفريقه , وفي خلال الأعوام الأخيرة خصوصاً , اتبع بعض المدربين فلسفة اللعب الموضعي و آمنوا بها بشدة. وذلك من أجل خلق التفوق خلف خطوط الخصم و بالطبع من أجل الفوز. ولهذا , امنوا بأهمية بناء اللعب من الخلف , من أجل الاحتفاظ بالكرة و الاستحواذ بها لضرب المنافسين خلف خطوطهم , فمثلاً في حالة ضغط الفريق الخصم بنفس عدد لاعبي الدفاع , يقوم مدرب الفريق باعطاء تعليمات للاعب الارتكاز من أجل النزول لمنطقة الجزاء , أي وضع لاعب إضافي مع قلبي الدفاع من أجل خلق التفوق العددي , من أجل الخروج بالكرة بالشكل المناسب , مع صعود لاعبي الأظهرة إلى وسط الملعب , لنفس الهدف و هو التفوق العددي في وسط الملعب و هذا كله للسيطرة على الكرة بالشكل المناسب و تدويرها لضرب المنافسين خلف خطوطهم .

    اشتهر دور الحارس الليبرو في الفترة الأخيرة , فبعض الحراس كنوير ذاع صيتهم بسبب قيامهم بذلك الدور. نعم نوير حارس مرمى رائع , ولكن السبب الرئيسي في شهرته هو قيامه بدور الليبرو , أي الخروج بالكرة من الخلف و بناء اللعب و تشتيت الكرات التي تُلعب خلف الدفاع . و اشتهر دور الحارس الليبرو في الأونة الأخيرة بسبب الاهتمام الملحوظ من قبل المدربين بأهمية بناء اللعب من الوراء , فالحارس الذي يقوم بدور لاعب الليبرو يعتبر لاعبين إثنين في لاعب واحد , أي حارس يقوم بمهمته المعروفة بالإضافة إلى بناء اللعب و الخروج بالكرة من أجل خلق التفوق العددي في منطقة الجزاء في حالة ضغط لاعب وسط المنافس على لاعب الارتكاز المساند.

    في تصريح سابق قال بيب جوارديولا : حرك الخصم لا الكرة , ادعوه للضغط في الجانب الأيمن مثلاً , لتحول اللعب إلى الجانب الأيسر و تنهي الهجمة منها .

    نفهم من تصريح بيب جوارديولا أنه يبحث عن ما يسمى بالتفوق النوعي , أي خلق موقف 1 ضد 1 أو 2 ضد 2 و خلافه , فبيب يقوم بتدريب لاعبيه على ذلك , من خلال تمرير الكرة من قبل أربعة أو خمسة لاعبين من فريقه في الجانب الأيمن مثلاً في الملعب و دعوة الخصم  للضغط , و تحويل اللعب إلى الجانب الأيسر من خلال تمريرة أفقية أو قطرية لخلق تفوق نوعي .

    يعتقد أغلب المتابعين أن الظهير يتحول إلى وسط الملعب لسبب واحد فقط وهو لمساندة لاعب الارتكاز في مسألة بناء اللعب و الخروج بالكرة و خلق زوايا تمرير إضافيه. ,ولكن لسبب أخر مهم , و هو خلق تفوق نوعي على الأطراف , فالظهير عندما يتحول إلى وسط الملعب يسحب معه جناح الخصم و ذلك من أجل خلق الفراغ المناسب لجناح الفريق و جعله في موقف 1 ضد 1 مع ظهير الخصم . وبهذا, يتم خلق التفوق النوعي .

    الكونتر بريسنغ :

    561022

    اشتهر اسلوب الضغط في الأعوام الأخيرة , وذلك من أجل استعادة الكرة , و اتفق المدربون على أهميته , ولكن اختلفه في طريقة تطبيقه , حيث يوجد عدة أنواع من الضغط , ومنهم الكونتر بريسنغ , مصطلح تردد قوله في الأونة الأخيرة , ولكن ما هو ؟ و ما علاقته باللعب التموضعي و التمركز ؟

    اشتهرت فرق برسا بيب , بايرن هاينكس , كلوب دورتموند و ليفربول باسلوب الكونتر بريسنغ , و هو استرجاع الكرة من مناطق الخصم , أي وقت فقدانها , ففي حالة استرجاع الكرة من وسط ملعب الخصم تكون المسافة إلى المرمى أصغر و أقرب.  بالإضافة إلى ذلك , يتمركز لاعبي المنافس بشكل خاطئ نظراً لعدم لحاقهم لتنظيم أنفسهم بسبب الضغظ الذي يقع عليهم من قبل الفريق في حالة فقدان الكرة , ولهذه الأسباب , يستخدم عدة مدربين هذا الاسلوب , ولكن تكمن صعوبة تطبيقه بالشكل المناسب بسبب احتياجه للياقه بدنية عالية من قبل اللاعبين مع تمركزهم بالشكل الصحيح و المناسب , وهذه المتطلبات لا تتواجد إلا في عدد قليل من اللاعبين و الفرق . ففي تصريح قديم للراحل يوهان كرويف , قال : ” هل تعلموا لماذا يسترجع لاعبي البرسا الكرة بشكل سريع ؟ نظراً لتمركزهم بالشكل الصحيح و المناسب.” و بمحاولة فهم تصريح العبقري الهولندي نجد أن لتطبيق الضغط بشكل مناسب و خاصة الكونتر بريسنغ يجب على اللاعبين التمركز بشكل صحيح من أجل ارباك لاعبي المنافس و خطف الكرة بسرعة .

    اللاعب الحر:

    دائماً ما نسمع عن اللاعب الحر , ومن المعروف أنه اللاعب الأفضل في الفريق و الذي يصنع الفارق . ولكن كيف يصبح حراً ؟ و ما علاقة ذلك باللعب التموضعي و التمركز ؟

    يبحث كل مدرب عن الأفضل للاعبي فريقه . وذلك بمحاولة تهيئة الظروف المناسبة و ابتكار تكتيكات جديدة لهم , ولكنه أيضاً يبحث عن مصلحة الفريق و يحاول الفوز بالبطولات . ولهذا يحاول جعل أفضل لاعبي فريقه حراً , فمثلاً بيب جوارديولا في مباراة برشلونة و ريال مدريد الشهيرة التي اكتسح فيها البلوجرانا غريمه بنتيجة 2/6 أمر ميسي بالنزول إلى وسط الملعب و اللعب كمهاجم وهمي , لارباك مدافعي الميرنغي بالإضافة إلى جعله حراً , فوجود ميسي بجانب تشافي و إنيستا جعل برشلونة بموقف 3 ضد 2 في وسط الملعب , نظراً لوجود لاعبين إثنين فقط في وسط ملعب الريال , و إذا ذهب أحد مدافعي الريال لمراقبة ميسي سيترك فراغ ورائه سيستغله اجنحة الفريق الكتالوني , وبالتالي سيتم جعل أحد الجناحين في موقف 1 ضد 1 مع الحارس , وبالتالي جعله حراً , وكلنا شاهدنا كيف سيطر برشلونة على هذه المباراة طولاً و عرضاً , بسبب التفوق العددي في وسط الملعب و الدفاع و جعل أفضل لاعبي الفريق حراً. وكل هذا يعتمد على التمركز , فاذا تمركزت بشكل صحيح و في المكان المناسب , ستسطيع تمرير الكرة بكل أريحية و ستستطيع استغلال المساحات , ومن هنا يتم السيطرة على المباراة .

    في تصريح سابق قال فابيو كابيلو المدرب الإيطالي الشهير : هناك ثلاثة أشياء غيرت من كرة القدم. وهي قانون التسلل , ميلان ساكي و برسا بيب . ولكن مع الاحترام الكبير اللمدرب الإيطالي الكبير , فإنه من رأيي كان يجب عليه إضافة هذه الفلسفة لقائمة الأشياء التي غيرت كرة القدم , فهذه الفلسفة معقدة إلى أبعد الحدود , فكل ما تم ذكره عنها لا يوضح ما هي و كيف هي معقدة  وكيف ستغير من كرة القدم للأفضل .