دفاعا عن الفيلسوف

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مُعاذ الهراس – يبدو أن فرق إسبانيا صارت بمثابة العقدة لبيب غوارديولا منذ رحيله عن البارسا سنة 2012. فخلال سنواته الثلاث مع بايرن ميونخ خرج المدرب الإسباني على يد 3 فرق إسبانية من دوري الأبطال والآن مع تجربة جديدة مع مانشستر سيتي.

    مني بيب بأول خسارة أوروبية على يد حامل لقب الدوري الإسباني برشلونة، نفسه الذي أخرجه من دوري أبطال أوروبا سنة 2015. لكن رغم النتيجة العريضة، والأفضلية الواضحة للنادي الكتالوني على فريق غوارديولا، إلا أن هذا الأخير قلل من وقع هذه الهزيمة رافضا الاعتراف بها كأقسى خساراته في مسيرته التدريبية، مؤكدا أن  الأفظع كانت أمام ريال مدريد منذ سنتين، يوم غادر دوري الأبطال منهزما برباعية نظيفة على أرضه وأمام جماهيره بالأليانز أرينا.

    وكنوع من الإنصاف، وإعادة شيء من الحق لغوارديولا. توجب علينا إعادة تعريف معنى الهزيمة على الأقل بالنسبة للمدرب، وتحليل مباراة البارسا والسيتي لمعرفة قرارات المدرب  واختياراته للمباراة. قبل الحكم عليه بالإعدام أو تحميل المسؤولية طرفا آخر. وهنا يظهر – من رأيي المتواضع – أن بيب بريء براءة الذئب من دم بن يعقوب لأسباب أفصلها كما يلي:

    – كنظرة عامة للمباراة، فقد أجمع الكل على أن السيتي لم يواجه قط برشلونة بشجاعة كما فعل طيلة مواجهاته الأخيرة أمام النادي الكتالوني (مبارتي 2013، ومبارتي 2015 والتي انهزم فيها جميعا مانشستر سيتي). الخطة التي دخل بها بيب غوارديولا لم توح أبدا إلى نزعة دفاعية أو تكتل لمدافعي ولاعبي وسط السيتي – وحتى المهاجمين – في مناطقهم تاركين الكرة للاعبي البارسا يفعلون بها ما شاؤوا. بيب آمن بفلسفته وضغط على دفاع البارسا عبر سيلفا ونوليتو وسترلينغ ودي بروين لمحاولة افتكاك الكرة أو استغلال نصف خطأ قد يصدر من الخط الخلفي للنادي الكتالوني، كما استطاع أن يهدد مرمى البارسا في أكثر من محاولة لولا براعة الألماني تير شتيغن الذي أثبت جدارته ليكون حارس مرمى النادي الكتالوني الأول. بيب كذلك أدرك دور سيرجيو بوسكيتس المهم في وسط ميدان البارسا، فكلف فيرناندينهو وغوندوغان بفرض رقابة صارمة على الإسباني في محاولة للحد من خطورة تمريراته، وبالتالي عزل خط هجوم البارسا الناري.

    – لماذا خسر السيتي؟

    ميسي

    ميسي

    بيب قرأ المباراة بشكل مثالي، وتعامل معها بما يملك من لاعبين. والبارسا تقريبا لم يشكل أي خطورة على مرمى برافو حتى لقطة الهدف.

    محاولة ميسي لاختراق دفاع مانشستر سيتي كانت تقريبا بدون فائدة بعد قفل المساحة من أوتاميندي وفيرناندينهو، في حين تكفل ستونز بمراقبة سواريز الذي أراد فتح المجال لليو من الجهة اليمنى، لكن النجم الأرجنتيني استغل مساحة صغيرة جديدة وأوصل الكرة لمنطقة الجزاء حيث إنييستا الذي سدد رغم تغطية زاباليتا وتدخله على الرسام الإسباني. الكرة عند ارتدادها بدت لوهلة من الزمن في حوزة مانشستر سيتي نظرا للتفوق العددي للاعبي النادي الإنجليزي. والمشاهد للهدف من الإعادة سيبدو له ميسي بدوره قد فقد الأمل في تحويل الفرصة لهدف، إلا أنه استغل سقوط فيرناندينهو فكان في ردة فعله أسرع من مواطنه أوتاميندي، خطف الكرة وأسكنها الشباك.

    فأين مسؤولية بيب من كل هذا؟ التغطية الدفاعية كانت مثالية، تمركز اللاعبين وطريقة إيقاف خطورة هجوم البارسا كانت نقطة تحتسب لغوارديولا. إلا أن هفوة فيرناندينهو وسقوطه في وقت لم يتوجب عليه ذلك كانت كفيلة بمنح الهدف الأول للبارسا.

    في الشوط الثاني، وقع الانهيار. وإن عرف عن إيقاف خطورة البارسا بـ 11 لاعبا أمرا شاقا، فإن البلاء أشد مع النقص العددي. طرد برافو كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وإيذان ببدأ مهرجان الأهداف للبارسا. بيب اضطر للتخلي عن واحد من أبرز عناصره في المباراة “نوليتو” من أجل إقحام الحارس الثاني كاباييرو، فحرم من مواصلة مسلسل الهجمات المرتدة التي عانى منها البارسا في الشوط الأول. الفريق الكتالوني ضغط كما يلزم، وسجل هدفين بخطأين. بوسكيتس تحرر أكثر بعد الطرد وصار يضغط في نصف ملعب السيتي، فأخذ الكرة من دي بروين ومنحها لإنييستا فميسي الذي سجل هدفه الثاني، ثم الهفوة الثالثة بعد تمريرة غوندوغان السيئة إلى ستونز، يخطفها سواريز ويمرر لميسي من أجل الهاتريك. ليظهر للعيان بشكل واضح، أن بيب خسر بالأخطاء الفردية للاعبيه لا بأخطاء تكتيكية أو فنية كما حصل يوم مباراة ريال مدريد. وربما هذا سبب كاف ليخرج غوارديولا بتصريحه “هذه الخسارة ليست الأسوء في مسيرتي”.

    222

    لطالما عانى كبار اللعبة لاعبين أو مدربين، من انتقادات شديدة عند الهزيمة. أما عند بيب، فالوضع أشد قليلا، خاصة مع مانشستر سيتي حيث الضغوط أكبر. مهمة بيب مع سيتي ليست هي الألقاب فقط (التي حتما ستأتي للفريق السماوي مع هذا الفيلسوف)، بيب مطالب بخلق شخصية وهوية للفريق الذي بنته الأموال فقط دون أن يملك تاريخا ذا سمعة عريقة كجاره اليونايتد. بيب يسعى لمنح السيتي شيءا من الإحترام في الوسط الأوروبي، كرؤيتنا إياه يدعو الجماهير للدخول بشكل أكثر كثافة لمساندة الفريق أو تغييره بشكل كامل لتكتيك وأسلوب مانشستر سيتي في اللعب، بما يتناسب مع فكره وفلسفته التي بدوره اقتبسها من أبيه الروحي وعرابه يوهان كرويف. باختصار، غوارديولا يسعى لخلق “بارسا” جديد في إنجلترا.