ماذا لو لم يفز ميسي بكأس العالم؟!

محمود حمزة 06:08 05/05/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • هلوسة كروية” سلسلة مقالات رياضية ساخرة لا تهدف سوى إلى رسم ابتسامة بسيطة على شفتي القارئ.. دون أغراض أخرى دنيئة! قد يراها البعض كوميدية ومضحكة، وقد يراها البعض الآخر تافهة وسخيفة.. كما أرى أنا! لكن يجب أن نتفق على أن هذه الفقرة بريئة جداً، لدرجة أن الباحث عن أدلة براءتها سيجد الكثير.. من أدلة الإدانة! لكنها حقًا لا تُكتب تأثرًا بمشاعر حب أو كراهية تجاه أي فريق أو لاعب، حتى وإن بدا أنها تحمل مشاعر كراهية وحقد.. تجاه الجميع!

    “مارادونا أفضل لاعب في التاريخ لأنه فاز بكأس العالم”.. “رونالدو البرازيلي وزيدان من أفضل لاعبي تاريخ كرة القدم لأن كليهما فاز بكأس العالم مع منتخب بلاده”.. “ميسي يحتاج إلى الفوز بكأس العالم لكي يصبح أفضل لاعب في التاريخ”!

    يربط كثيرون بين مكانة اللاعب في تاريخ كرة القدم، وبين البطولات الكبيرة مثل كأس العالم وبطولة أمم أوروبا، وإذا فشل اللاعب في تحقيق بطولة كبيرة مع منتخب بلاده، فإنه لا يستحق أن يقارن بالأساطير الذين حققوا تلك البطولات!

    ويُعد كأس العالم 1986 أهم الأسباب التي جعلت كثيرين يعتبرون دييجو أرماندو مارادونا أفضل لاعب في التاريخ، خاصة وأنه سجل في تلك البطولة أشهر هدف في تاريخه، وربما في تاريخ كرة القدم كلها! وهو الهدف الذي سجله في مرمى منتخب إنجلترا بعدما راوغ أربعة لاعبين، ثم راوغ حارس المرمى!

    أو نستطيع أن نقول إنه سجل في تلك البطولة أشهر هدفين في تاريخ كأس العالم! لأنه سجل في نفس المباراة هدفاً لا يقل شهرة، وهو الهدف الذي سجله بيده!

    وإذا تأملنا الموقف واستخدمنا المنطق وقليلاً من التفكير، سنجد أن هذا الإنجاز لا يستحق أن يؤثر بدرجة كبيرة على مكانة مارادونا، فقد كان من الممكن ألا يعبر منتخب الأرجنتين ربع نهائي البطولة! لأن الهدف الأول في مرمى إنجلترا سُجل باليد، وكان يجب إلغاؤه! ولأن الهدف الثاني الشهير سُجل بعد فضيحة الهدف الأول بأربع دقائق فقط، ولو لم يُحتسب الهدف الأول، فربما لم يكن مارادونا ليسجل الهدف الثاني!

    هل يعني ذلك أن مارادونا لاعب عادي؟ لا بكل تأكيد، مارادونا من أفضل اللاعبين في التاريخ، وربما هو الأفضل في التاريخ بالفعل! وإذا كان الأفضل، فإنه الأفضل بسبب مستواه المذهل وقدراته الخارقة، وليس لأنه فاز مع منتخب بلاده ببطولة كبيرة.. بطريقة غير قانونية!

    لا يعني الفوز بالبطولات الكبيرة أن من فاز بها هو الأفضل، ولم تُحسم بطولة دون أن يتدخل عنصر الحظ والتوفيق.. أو عنصر أخطاء الحكام! ولا تذهب البطولات دائماً إلى من يستحقها، وفي بعض الأحيان يستحق البطولة منتخبان أو ثلاثة! وفي هذه الحالة لن يفوز بها إلا منتخب واحد، وربما لا يكون واحداً من الثلاثة!

    رونالدو البرازيلي أسطورة ولاعب عظيم، لأنه فاز بكأس العالم مع منتخب البرازيل! دعونا نستخدم المنطق وقليلاً من التفكير مرة أخرى؛ فاز رونالدو بكأس العالم مرتين، المرة الأولى عندما كان مع منتخب البرازيل في كأس العالم 1994، لكنه لم يكن يلعب! والمرة الثانية هي الفوز بمونديال 2002، عندما كان يلعب بأقل من نصف المستوى الذي وصل إليه قبل الإصابة!

    أما عندما كان البرازيلي أفضل لاعب في العالم بفارق كبير عن الآخرين، فلم يستطع أن يفوز بكأس العالم 1998، ربما خسر منتخب السامبا بسبب المرض الغامض الذي أصاب رونالدو قبل النهائي ضد منتخب فرنسا، ولكن.. عندما لعب رونالدو أفضل مبارياته في تلك البطولة وإحدى أفضل المباريات في مسيرته ضد منتخب هولندا في نصف النهائي.. كاد يخسرها! وفازت البرازيل بضربات الترجيح.. التي تُسمى ضربات الحظ!

    رونالدو الذي لم يلعب فاز بكأس العالم 1994، ورونالدو الذي لعب بأقل من نصف مستواه فاز بكأس العالم 2002، لكن رونالدو الخارق والظاهرة والمعجزة فشل في الفوز بكأس العالم 1998، وكاد يفشل في التأهل إلى النهائي! فكيف يحتاج اللاعب إلى الفوز بكأس العالم ليثبت مكانته؟!

    زين الدين زيدان أيضاً أسطورة لأنه فاز بكأس العالم 1998! هكذا يقول كثيرون، ولكن.. منذ بداية البطولة وحتى نهاية نصف النهائي، لم يكن زيدان من أفضل لاعبي هذا المونديال! ثم كان حاسماً وسجل هدفين في النهائي، وبالإضافة إلى ذلك، فازت فرنسا على إيطاليا في ربع النهائي بضربات الحظ.. أو الترجيح! وكان من الممكن ألا يصل زيدان إلى نصف النهائي!

    ونستنتج من ذلك أن الفارق ليس كبيراً بين الفوز بكأس العالم.. وبين الخروج من ربع النهائي!

    أما زيدان الساحر في يورو 2000، والذي قدم أفضل بطولة في مسيرته وفاز بها في النهاية، فكان منتخب بلاده خاسراً في النهائي أمام منتخب إيطاليا بهدف نظيف.. حتى الدقيقة 93! وكادت إيطاليا تسجل الهدف الثاني أكثر من مرة، وبعدما بدأت احتفالات الإيطاليين، وقبل أن يطلق الحكم صافرة النهاية، غيرت البطولة مسارها.. لأن كرة القدم أرادت ذلك!

    في الدقيقة 93 أرسل حارس فرنسا فابيان بارتيز كرة طويلة لا تمر من الدفاع الإيطالي، لكنها مرت! ثم أطلق سيلفان ويلتورد تسديدة لا تمر من حارس عملاق مثل فرانشيسكو تولدو، لكنها مرت! بهذه البساطة لم تنته المباراة بفوز إيطاليا، وذهبت إلى الوقت الإضافي لتفوز فرنسا بالهدف الذهبي، هكذا تسير الأمور في عالم كرة القدم!

    كان زيدان أفضل لاعبي يورو 2000، وكان يستحق الفوز بها، لكن ما حدث في النهائي لم يحدث لأن زيدان يستحق البطولة، بل حدث لأن كرة القدم كانت تريد ذلك! وزيدان أسطورة ولاعب عظيم.. بدون الفوز بكأس العالم أو اليورو!

    مثال آخر؛ تألق الشاب كريستيانو رونالدو مع منتخب البرتغال في يورو 2004، لكن الكرة كانت ترفض دخول مرمى منتخب اليونان في تلك البطولة، وكانت تدخل بكل سهولة في مرمى أي منتخب يلعب ضدهم! وتألق رونالدو مرة أخرى في يورو 2012، ولو فاز بها لكان فوزاً مستحقاً، لكنه خسر في نصف النهائي أمام منتخب إسبانيا بضربات الترجيح.. التي نعرف اسمها الآخر!

    وفي يورو 2016 لم يكن البرتغالي في قمة مستواه، ولم يكن حاسماً بدرجة كبيرة إلا أمام المجر وويلز تقريباً! وأصيب وغادر الملعب في بداية المباراة النهائية ضد فرنسا، لكنه فاز بلقب البطولة في النهاية! هل أرادت كرة القدم أن تعوضه؟ لا.. لا تفكر كرة القدم بهذه الطريقة!

    لم يفز ليونيل ميسي بكأس العالم الماضية، لكنه كان من الممكن أن يفوز بها لو سجل منتخب الأرجنتين الفرص التي أتيحت له أمام منتخب ألمانيا في المباراة النهائية، وكان من الممكن أيضاً ألا يصل إلى النهائي لو خسرت الأرجنتين في نصف النهائي أمام هولندا.. بضربات الحظ! بل كان من الممكن ألا يتأهل إلى ربع النهائي! لأن منتخب بلاده فاز في دور الـ16 على سويسرا.. بصعوبة!

    ونستنتج من ذلك أن الفارق ليس كبيراً بين الفوز بكأس العالم، وبين الخروج من نصف النهائي.. أو من دور الـ16! بل توجد أمثلة أخرى تجعلنا نقول: لا يوجد فارق كبير بين الفوز بالبطولة.. وبين عدم التأهل إليها!

    البطولات لا تختار الفريق الأفضل في كل مرة، وإذا اختارت الفريق الأفضل، فلن تختار اللاعب الأفضل! وللفوز بالبطولات أسباب كثيرة، بعضها واضح ومعروف، وبعضها غامض ومجهول، وإذا قدم خمسة لاعبين من خمسة منتخبات مختلفة أداءً يستحق الفوز بلقب نفس البطولة، هل سيفوز الخمسة بنفس اللقب؟!

    نصل إلى النتيجة التالية؛ إذا كان ميسي أفضل لاعب في التاريخ، فلن يخسر هذه المكانة إذا لم يفز بكأس العالم! وإذا لم يكن ميسي الأفضل في التاريخ، فلن يصبح الأفضل عندما يفوز بكأس العالم! وقد يقدم أداءً خارقاً في المونديال ثم يفشل في الفوز به، وسيقال: “ميسي فاشل دولياً”! وقد يقدم أداءً متوسطاً أو لا يفعل شيئاً مؤثراً.. ثم يفوز منتخب التانجو باللقب! وسيقال: “ميسي عظيم لأنه قاد منتخب بلاده إلى الفوز بكأس العالم”!

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى