عفواً جوارديولا.. برشلونة لا يلعب في الدوري الإنجليزي!

محمود حمزة 14:04 16/12/2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • هلوسة كروية” سلسلة مقالات رياضية ساخرة لا تهدف سوى إلى رسم ابتسامة بسيطة على شفتي القارئ.. دون أغراض أخرى دنيئة! قد يراها البعض كوميدية ومضحكة، وقد يراها البعض الآخر تافهة وسخيفة.. كما أرى أنا! لكن يجب أن نتفق على أن هذه الفقرة بريئة جداً، لدرجة أن الباحث عن أدلة براءتها سيجد الكثير.. من أدلة الإدانة! لكنها حقًا لا تُكتب تأثرًا بمشاعر حب أو كراهية تجاه أي فريق أو لاعب، حتى وإن بدا أنها تحمل مشاعر كراهية وحقد.. تجاه الجميع!

    عندما كان بيب جوارديولا يحقق جميع البطولات مع برشلونة كان كارهوه يقولون: “برشلونة لا يستطيع أن يفوز بالدوري الإنجليزي”! ولا أعرف معنى هذه الجملة أو علاقتها بالمنطق!

    هل نستطيع أن نقول: “يوفنتوس لا يستطيع أن يفوز بالدوري الألماني”؟! جملة كوميدية جداً، لكنهم كانوا يسلون أنفسهم بها، رغم أن جوارديولا كان يتفوق على الأندية الإنجليزية أداءً ونتيجة بسهولة.. باستثناء تشيلسي!

    وعندما جاء المدرب الإسباني إلى إنجلترا لتدريب مانشستر سيتي ترددت الجمل التي نعرفها؛ “لماذا ذهب إلى هناك؟ هل يعتقد أن الدوري الإنجليزي مثل الدوري الإسباني أو الدوري الألماني؟ سيكون محظوظاً لو تأهل إلى دوري أبطال أوروبا”! وازدادت هذه السخرية بعد نتائجه السيئة في الموسم الأول، رغم أنها لم تكن أسوأ من نتائج مورينيو أو فينجر أو كلوب!

    انتقلت السخرية من مرحلة “برشلونة لا يستطيع أن يفوز بالبريميرليج” إلى مرحلة “طريقة برشلونة لا تستطيع أن تفوز بالبريميرليج”! هل هذه الجملة صحيحة؟! في الحقيقة؛ طريقة برشلونة تستطيع أن تحقق لقب الدوري الإنجليزي أو أي بطولة أخرى، ولكن.. إذا كان الفريق الذي يطبقها هو برشلونة جوارديولا نفسه! أو إذا كان فريقاً يمتلك لاعبين يشبهون لاعبي البرسا عندما كان بيب يدربهم، أما مع فريق يمتلك لاعبين بمواصفات مختلفة، فيحتاج المدرب إلى خطة أخرى، أو إلى نفس الخطة مع كثيرٍ من التعديلات! وهذا ما فعله مدرب السيتي.. لكنه ينكر ذلك!

    في الموسم الحالي انتقم الفيلسوف الإسباني من منتقديه بقسوة، 16 فوزاً من 17 مباراة في الدوري، والتعادل الوحيد كان مع إيفرتون بقيادة رونالد كومان الذي كان أسوأ مدرب في الموسم الحالي من ناحية الأداء قبل إقالته! وبعد سلسلة طويلة من الانتصارات وتدمير المنافسين، أصبح فريقه يتصدر الترتيب بفارق 11 نقطة عن أقرب منافسيه، وربما يزداد هذا الفارق في الجولات القادمة!

    استغل جوارديولا هذه الفرصة ليطلق صواريخ تصريحاته على الساخرين منه ومن أسلوبه مع برشلونة، حيث قال بعد الفوز بديربي مانشستر: “كان الناس يقولون إننا لا نستطيع أن نلعب بطريقة برشلونة في إنجلترا، لكنه أمر ممكن، وقد فعلنا ذلك”! نجح مدرب مانشستر سيتي في التفوق على جميع منافسيه بفارق كبير، لكنه لم يفعل ذلك باستخدام نفس الأسلوب الذي كان يطبقه مع النادي الكتالوني! هناك اختلافات جوهرية واضحة بين الأسلوبين، لكن بيب يرفض الاعتراف بذلك، يبدو أنه يعتقد أن تعديل فلسفته شيء محرج!

    ما أهم الاختلافات بين جوارديولا برشلونة وجوارديولا مانشستر سيتي؟!

    أولاً: الهجمات المرتدة واللعب المباشر

    عندما كان بيب جوارديولا يدرب برشلونة كانت الهجمات المرتدة من المحظورات! حاوِل أن تعتمد على ذاكرتك فقط ولن تتذكر الكثير من الأهداف التي سجلها البرسا معه عن طريق هجمات مرتدة سريعة من أول الملعب إلى آخره، فعندما كان الفريق يحصل على هجمة مرتدة، كان يرفض استغلالها ويُفضّل انتظار عودة الفريق المنافس ليضع الحافلة أمام مرماه! ثم يبدأ هجمة منظمة لتسجيل هدف بعد الكثير من التمريرات بطريقة بيب المعروفة، بعدما يشارك جميع لاعبي الفريق في الهدف!

    أما مع مانشستر سيتي، فنستطيع بسهولة أن نتذكر أهدافاً سجلها من هجمات مرتدة ولعب مباشر، ويكفي أن نذكر المباراة التي فاز بها على نابولي 4-2 في دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا، كانت النتيجة التعادل 2-2، فسجل السيتي هدفين من هجمتين مرتدتين! أما أول هدفين، فسجلهما من ضربتين ركنيتين! لم يكن برشلونة يفوز بهذه الطريقة مع جوارديولا، ولو لعب بنفس فلسفة البرسا في المباراة لتغيرت النتيجة، ويقودنا أول هدفين للنادي الإنجليزي في تلك المباراة إلى الحديث عن الاختلاف الثاني.

    ثانياً: الكرات الثابتة

    لم تكن مواجهة نابولي هي المباراة الوحيدة التي حسمها مانشستر سيتي باستخدام الكرات الثابتة، كيف سجل الفريق هدفيه في ديربي مانشستر؟! الهدف الأول من ضربة ركنية، والهدف الثاني من ضربة حرة، والهدفان بالتعاون مع لوكاكو!

    مع برشلونة لم يكن جوارديولا يعتمد على الكرات الثابتة، ورغم أنه كان يسجل بعض الأهداف عن طريقها، إلا أنها لم تكن جزءاً أساسياً من فلسفته، ويكفي أن نتذكر ما حدث في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2010 ضد إنتر ميلان، عندما قدم جوزيه مورينيو أفضل إصدار من الحافلة في العصر الحديث، وربما في التاريخ!

    فاز الفريق الإيطالي على ملعبه في مباراة الذهاب 3-1، وفي مباراة العودة في الكامب نو سجل جيرارد بيكيه هدفاً للنادي الكتالوني في الدقائق الأخيرة، وأصبح الفريق يحتاج إلى هدف واحد ليتأهل إلى النهائي، وفي الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدل الضائع حصل البرسا على ضربة ركنية، المشهد الطبيعي في هذه الحالة هو تقدم حارس المرمى ولعب الضربة الركنية مباشرة داخل منطقة الجزاء.. وانتظار قرار الحظ! لكن فريق جوارديولا لعب الضربة الركنية بطريقته المفضلة عن طريق التمرير القصير! وبعد تمريرتين وصلت الكرة إلى قلب الملعب، فحاول الفريق اختراق دفاع إنتر من العمق! هل هذه هي الطريقة المناسبة لتسجيل هدف في اللحظات الأخيرة في مرمى فريق يدافع بشكل أسطوري؟!

    لم تنته الحكاية المثيرة بعد، فشل الاختراق من العمق، لكن برشلونة حصل على ضربة ركنية أخرى في نهاية الدقيقة الرابعة و(الأخيرة) من الوقت المحتسب بدل الضائع، إنها الفرصة الأخيرة، شاهدنا الكثير من الأهداف التي تأتي في الثواني الأخيرة عن طريق الكرات الثابتة، وأحياناً يسجل حراس المرمى بهذه الطريقة، لكن فيكتور فالديز استمر في مكانه أمام مرماه! هل هذا معقول؟! لم يكن البرسا يحتاج إلى حارس مرمى في تلك المباراة! فكيف يحتاج إليه في آخر ثانية؟!

    تمسك فريق التيكي تاكا بفلسفته رغم انتهاء الوقت بدل الضائع، ولعب الضربة الركنية بتمريرة قصيرة، ثم تمريرة ثانية، فانتظر الحكم تمريرة ثالثة لينهي المباراة! هذا الفريق لا يريد أن يسجل! لكن داني ألفيس تذكر أن هذا ليس الوقت المناسب للتيكي تاكا، فأرسل تمريرة سيئة إلى داخل منطقة الجزاء أبعدها دفاع الفريق الإيطالي، وفي نفس اللحظة أطلق الحكم صافرة النهاية، من حسن حظ ريال مدريد أنه لم يلعب الضربة الركنية بهذه الطريقة في نهاية المباراة النهائية بدوري الأبطال 2014!

    25463720_10212561763590787_1444297903_n

    ثالثاً: أسلوب كرة اليد

    كان جوارديولا يلعب كرة القدم بطريقة تشبه أسلوب كرة اليد! يشارك الجميع في الهجمة، ويحرصون على عدم فقدان الكرة إلا عن طريق تسجيل هدف! لأن انتقال الكرة إلى الفريق الآخر يعني حصوله على فرصة خطيرة بسبب مشاركة جميع اللاعبين في الهجمة في نصف ملعب المنافس، وأحياناً في الثلث الهجومي! وخسارة الكرة قد تؤدي إلى كارثة، لكن لاعبي برشلونة كانوا بارعين جداً في الاستحواذ، ولم يكونوا يخسرون الكرة بسهولة، لذلك كانت هذه الطريقة تناسبهم تماماً، أما مع بايرن ميونخ، فلم يكن اللاعبون يمتلكون قدرات الاستحواذ الخارقة، لذلك كانوا يفقدون الكرة كثيراً فيتعرض فريقهم لهجمات خطيرة، شاهدوا هدفي كيفن دي بروين مع فولفسبورج في مرمى النادي البافاري، ولاحظوا شكل الدفاع عندما يفقد الفريق الكرة!

    ربما يقول قارئ: “لكن البايرن كان خاسراً ويحتاج لاعبوه إلى التقدم للأمام لتسجيل الأهداف”.. لم يكن الأمر متعلقاً بالنتيجة، لأن الهدف الأول في المباراة، الذي سجله الهولندي باس دوست، جاء بنفس الطريقة تقريباً!

    واستقبل النادي الألماني العديد من الأهداف الأخرى بهذه الطريقة مع جوارديولا، ومنها هدف أنطوان جريزمان في نصف نهائي دوري الأبطال 2016 على سبيل المثال، وتشعر كأنك تشاهد نفس الهجمة في كل مرة!

    تغير هذا الأمر مع مانشستر سيتي بعدما أدرك بيب أن الاستحواذ على الكرة مثل برشلونة شيئ مستحيل، فلم يعد يخاطر بتقدم المدافعين وترك المساحات بهذا الشكل، لا يزال يستحوذ على الكرة، ولا يزال المدافعون يتقدمون ويشاركون في بناء الهجمات، لكن نسبة المخاطرة أصبحت أقل كثيراً، ونشاهد أداءً دفاعياً متميزاً في الموسم الحالي بعد الكثير من الكوارث الدفاعية التي تعرض لها بيب بعد رحيله عن برشلونة بسبب فقدان الكرة، وهو الأمر الذي جعله يتخلى عن فلسفة كرة اليد!

    رابعاً: اختلافات أخرى

    يعشق جوارديولا كرة القدم الجميلة، ويحب تسجيل الأهداف الرائعة، مع برشلونة كان يستطيع أن يسجل الكثير من الأهداف بالطريقة التي يحبها، لكن مع مانشستر سيتي اكتشف أنه في بعض الأحيان يحتاج إلى الفوز عن طريق تسجيل الأهداف العشوائية! وفي الحقيقة؛ هذه الأهداف العشوائية لا تقل أهمية عن الأهداف الجميلة!

    في نهاية ديربي مانشستر شاهدنا لاعبي السيتي يدافعون ويهدرون الوقت! وهذا شيء جديد لم نكن نشاهد مثله في الأندية التي يدربها جوارديولا، ومن الطبيعي أن يحتاج الفريق إلى مثل هذه الأساليب في بعض الأحيان، لأنها من عناصر الفوز!

    أصبح التسديد من خارج منطقة الجزاء من العناصر الرئيسية في خطة جوارديولا، رغم أنه لم يكن يفضل ذلك في برشلونة، وكنا نشعر بأن فريقه يريد أن يدخل بالكرة إلى الشباك دون أن يسددها!

    لم يعد جوارديولا مدرب الخطة الواحدة، وأصبح أكثر تنوعاً بشكل واضح، مع برشلونة كان يسجل الأهداف بطريقته، وإذا لم يستطع.. يرفض التسجيل بطريقة أخرى! لكنه الآن يهاجم ويسجل الأهداف بطرق متنوعة؛ التيكي تاكا والكرات العرضية والتمريرات الطويلة والتسديد من خارج منطقة الجزاء والهجمات المرتدة والكرات الثابتة.. والعشوائية أحياناً!

    أثبت بيب جوارديولا أنه من أفضل المدربين في تاريخ كرة القدم، رغم أن هناك من ينكرون ذلك! استفاد من أخطاء تجربته مع بايرن ميونخ وموسمه الأول مع مانشستر سيتي، ولم يتمسك بفلسفته دون تطويرها، بل أضاف إليها ما يناسب لاعبي فريقه وحذف منها ما لا يناسبهم، ولكن.. لماذا يؤكد أنه استطاع أن ينجح في إنجلترا بطريقة برشلونة؟!

    هذه الفقرة تهدف إلى الفكاهة فقط، وما يرد فيها لا يعبر بالضرورة عن حقيقة أو رأي أو موقف

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى