عندما تتحول ملاعب كرة القدم إلى ساحات معارك

18:34 21/09/2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عضو فريق إبداع سبورت 360 محمد السعدي

    ** هذا المقال مقدم من فريق إبداع 360، وهو فريق من الكتاب المميزين الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، من غير العاملين بشكل دائم في المجال، حيث وجدوا في هذا الفريق مظلة تخرج أفضل ما لديهم لينشروا أفكارهم ويفيدوا الجمهور العربي.

    يعتبر التعصب الكروي أحد أخطر مشاكل كرة القدم الحالية،الظاهرة التي عرفت ب"الوباء الإنجليزي"انتشرت سريعاً في كل أنحاء العالم ،وجدت حاضنة لها في مدرجات الملاعب التي تحولت إلى  مسارح لإعمال العنف و الشغب.

    من الصعب أن نحدد بالضبط متى  بدأت ثقافة العنف بالظهور في كرة القدم الإنجليزية التي تمتلك سجلاً حالك السواد ،حافلاً بأعمال الشغب التي بدأت  في الفترة بين أعوام 1880و1890  من قبل عصابات المشجعين ،خاصة خلال مباريات الديربي.

    سجلت أول حادثة شغب رسمياً  في 1885 فبعد فوز فريق بريستون نورث على أستون فيلا اندلعت معركة استخدمت فيها قبضات الأيدي ،و تراشق المشجعون بالعصي و الحجارة، ظهرت بعد ذلك عصابات روعت لندن و عاثت فيها فساداً ،أطلق عليها "الهوليغانز " نسبة للص الشهير"باتريك هوليغان".

    نشر الهوليغانز الفوضى في جميع أنحاء بريطانيا ،ولم تخل نهاية أسبوع من المشاجرات العنيفة داخل و خارج الملاعب، وتفاقم خطرهم في ستينات القرن الماضي، كما أجتاح جنونهم الملاعب الأوربية ففي نهائي كاس الإتحاد الاوروبي عام 1974بين فينورد و توتنهام ،أقتلع مشجعو توتنهام المقاعد و ألقوها على رجال الشرطة ،قبل أن يحطموا  المحلات التجارية في مدينة روتردام الهولندية،و يعتقد أن تلك الأحداث كانت السبب في استقالة مدرب توتنهام بيل نيكلسون بعد عدة أشهر ،وفي العام التالي أمطرت جماهير ليدز يونايتد أرض الملعب بالألعاب النارية بعد خسارة فريقها المباراة أمام بايرن ميونخ ،وحطم المشجعون الغاضبون السيارات في شوارع باريس ،و اشتبكوا مع الشرطة.

    تعتبر كارثة ملعب هيسل في بروكسل التي حدثت عام 1985،الأسوأ في تاريخ الكرة الأوربية،فقد لقي 39 مشجعاً لفريق يوفنتوس مصرعهم خلال أعمال شغب من قبل جمهور ليفربول،في أعقاب كارثة  هيسل ،منعت الأندية الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوربية لمدة خمس سنوات،وعلقت مشاركة ليفربول لست سنوات،و بدأ الإتحاد الإنجليزي حملة لتجميل صورة الكرة الإنجليزية التي تضررت كثيراً بسبب أعمال العنف،كما سنت الحكومة العديد من القوانين للقضاء على الشغب .إلا أن ذلك لم يمنع إنتشار ظاهرة "الهوليغانز"التي انتشرت كالنار في الهشيم في الملاعب العالمية و شكلت ثقافة دخيلة على كرة القدم.

    ظهرت بعد الهوليغانز ظاهرة "الألتراس" وهي  كلمة لاتينية تعني الشيء الفائق أو الزائد،و هي فئة من مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد بشكل أكبر بين محبي الرياضة في أوروبا وأمريكا الجنوبية.

    تقوم هذه المجموعات بعمل دخلات خاصة في المباريات الهامة وتعرف بإسم "التيفو"،وينظم التشجيع عادةً قائد يطلق عليه إسم" كابو"ويخصص له عادةً مكان مرتفع ليتمكن المشجعون من متابعته و الالتزام بتعليماته طوال فترات التشجيع.

    المبادئ الأساسية الأربعة للألتراس:

    – لا يتوقف الغناء و التشجيع أثناء المباراة.

    – يمنع الجلوس أثناء المباراة.

    – حضور أكبر عدد ممكن من المباريات (الذهاب والاياب)، بغض النظر عن التكاليف أو المسافة.

    – الولاء للمجموعة المكونة ،ويمنع الانضمام لمجموعات أخرى.

    ما يجمع الهوليغانز و الألتراس هو أن كلاهما يدافع عن ناديه و عن المجموعة  ،وكلاهما يلثّم وجهه حتى لا يتم التعرف عليه ،  و يعتبر كلاهما أن الشئ الأهم في حياته هو ناديه،أما عن الاختلافات بينهم فالهوليغانز لا يشجعون فرقهم بنفس حماس الألتراس ،ولا يهتمون بالاستعراضات و الدخلان ،ولا يجمعهم زي موحد.

    في تقريرنا التالي سنلقي الضوء على أخطر المباريات ،و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي لعبت دوراً في ترسيخ ظاهرة  العنف في الملاعب العالمية،و أكثر المشجعين  تطرفاً.

    مباراة مرسيليا و باريس سان جيرمان:

    مع أن فرنسا كانت لفترة طويلة بعيدة عن شغب الملاعب و الهوليغانز ،إلا أن لقاء باريس سان جيرمان  و مرسيليا يتميز بخصوصية لا تتعلق بكرة القدم فقط ،بل تتعداها إلى خلفيات اقتصادية و عرقية كانت أساس العداء بين جماهير فريقي العاصمة و المدينة الساحلية ،إذ لم تخل مباريات الفريقين من اعتقالات وإصابات.

    في عام 2009  اندلعت مشاجرة جماعية في شوارع مرسيليا ،حاول خلالها أحد مشجعي مرسيليا دهس مجموعة من مشجعي باريس جيرمان عمداً،مما زاد حجم العداء و الكراهية بين الطرفين.

    مباراة فيسلا كراكوف و كراكوفيا:

    "الحرب المقدسة"  البولندية بين قطبي مدينة كراكوف، إرتبطت بالعنف و جرائم القتل،ففي عام 2006 قتل 8 مشجعين خلال معارك دامية دارت بين مشجعي الفريقين في شوارع المدينة  التي باتت تعرف ب"مدينة السكاكين".

    يعتبر مشجعو فيسلا كراكوف اخطر و اشرس مشجعي بولندا ،وتحدثت تقارير صحفية عن محاولتهم لطعن لاعب بارما دينو باجيو في عام 1999 بعد أن ألقيت عليه سكين من المدرجات.

    مباراة سبارتاك موسكو و زينيت سان بطرسبرغ:

    مباراة تدور في أجواء روسيا الباردة ،لا تخلو من إيحاءات عنيفة و عنصرية ،ظهرت خلالها أشهر و أعنف صور المعارك بين المشجعين المتعصبين.

    أسس مناصرو سبارتاك موسكو في 1996فرقة "المجالدين"لمواجهة مشجعي زينيت،و تشاجروا في موقف سيارات زينيت عام 2005 في معركة حددت قوانينها مسبقاً منع فيها استخدام الأسلحة وحدد عدد المقاتلين من كل جانب.

    مباراة غلطة سراي و فنربخشه

    ديربي إسطنبول بين فنربخشه ممثل القسم الآسيوي من المدينة  ،وغلطة سراي ممثل القسم الأوروبي الذي دخلت جماهيره "موسوعة غينيس" باعتبارها الأعلى  ضجيجاً في العالم  ، وتستقبل  الفرق المنافسة بعبارة "أهلا بكم إلى الجحيم".

    كان أكثر لقاءات الفريقين توتراً لقاء عرف ب"مباراة السبت الأسود" أوشكت خلاله جماهير غلطة سراي على تدمير ملعبها في محاولة لإفساد فرحة فنربخشه بالتتويج بلقب الدوري الذي حسمه مسبقاً لصالحه، بدأت الجماهير بالغليان بعد تقدم فنربخشه بهدفين في الشوط الأول،و بدأت بإلقاء  زجاجات المياه  والولاعات والعملات وكل ما كان في متناول أيديها،كما اقتلعت المقاعد من المدرجات و رميت على اللاعبين.

    وفي حادثة أخرى شهيرة جن جنون جماهير فنربخشه بسبب غراهام سونيس مدرب غلطه سراي في نهائي كاس تركيا بعد حمله راية كبيرة لفريقه ،وتلويحه بها أمامهم قبل أن يثبتها في منتصف الملعب الذي تحول إلى  ساحة قتال  بين مشجعي الفريقين.

    مباراة بارتيزان بلجراد و النجم الأحمر:

    جماهير النجم الأحمر و يطلق عليهم باللغة المحلية لقب "الأبطال"، وأعدائهم جماهير  بارتيزان بلغراد و يطلق عليهم لقب "الغجر"،سمح النجم الأحمر لجماهيره بكتابة لقبهم على المدرج الشمالي للملعب،وعلى الطرف الآخر أكتسب مشجعو بارتيزان سمعة سيئة بإثارتهم الشغب و المشاكل داخل و خارج صربيا.

    مباراة  أوليمبياكوس و باناثينايكوس:

    ديربي الفقراء "اولمبياكوس" ضد الأغنياء   " باناثينايكوس" دائما ما تميز بالعنف،تحطيم المقاعد و إشعال الألعاب النارية بكثافة.

    ذكرت تقارير صحفية مؤخراً أن  جماهير   أوليمبياكوس وبانثينايكوس رتبت  للقاء في إحدى ضواحي أثينا انتهى بشجار قتل فيه أحد مشجعي باناثينايكوس بعد  تلقيه عدة طعنات.

    مباراة رينجرز – سلتيك

    لقاء بأبعاد دينية و سياسية  بين مشجعي سيلتيك الكاثوليك ،و رينجرز البروتستانت الذين أيد أجدادهم  الحكم الجمهوري و الانفصال عن إنجلترا في العصور الوسطى ،غالباً  ما يحظى بإجراءات أمنية مشددة،و انتشار مكثف لرجال الشرطة ، إضافة إلى استنفار الكوادر الطبية و المستشفيات في المناطق القريبة من الملعب ،وتحذر السلطات المحلية مثيري الشغب  من عواقب تصرفاتهم قبل المباراة لتجنب تكرار أحداث "هامبدين بارك" التي حدثت في 1980 عندما خاضت جماهير الفريقين حرباً في المدرجات، قبل منع شرب الخمر في الملاعب الاسكتلندية رسمياً.

    مباراة بوكا جونيورز و ريفر بليت:

    قد تكون الرحلة إلى ستاد بوكا جونيوز المعروف ب "البومبانيرا _علبة الشوكولاته" أكبر أحلام مشجعي كرة القدم اللاتينية،خصوصاً عندما تقام مباراة "السوبر كلاسيكو " هناك ضد الغريم الأزلي ريفر بليت.

    جماهير  البوكا المعروفة ب"لادوس"أو اللاعب الثاني عشر ،و مشجعو الريفر المعروفون ب"لوس باراشاس ديل تابون" أو سكارى المدرجات تمثل أكبر و أخطر عصابات الهوليغانز اللاتينية التي لم ترتبط بالعنف داخل وخارج الملاعب ،بل تمارس نشاطات غير قانونية كالاعتداء ، تجارة المخدرات ،الابتزاز والقتل.

    يوزعون الألعاب النارية بكثافة على الجماهير خارج و داخل الملعب ،و لا يخشون إشهار الأسلحة وإطلاق النار في المدرجات.

    مباراة فلومينزي وفلامينغو:

    ديربي مدينة ريو دي جانيرو الذي يلعب في إستاد الماراكانا العملاق ، في البرازيل التي تكثر فيها حالات الشغب ،اقتحام الملاعب ،و عدد هائل  من جرائم الطعن في مشاجرات كروية ،فإن ملعباً  يتسع ل 90 ألف مشجع لفريقين متنافسين من كبار أمريكا الجنوبية سيكون بيئة خصبة لأعمال الشغب و الإجرام خصوصاً في ظل انتشار الأسلحة و قصور الإجراءات الأمنية ،إضافة إلى الفقر المدقع الذي يدفع الكثيرين للانضمام إلى عصابات الشوارع.

    شهدت مباراة السلفادور و هندوراس ضمن تصفيات كأس العالم 1970  جميع ضروب التعصب الكروي من الانتحار ،إلى القتال في الشوارع ،وانتهت أخيرا بالحرب بين البلدين في واحدة من أغرب أحداث كرة القدم.

    مع ذلك فلا يزال هناك مكان للروح الرياضية ،فكرة القدم رياضة نبيلة و سامية ،ولا يمكن لأي فريق الاستمرار في تحقيق الفوز دون خسارة،والجماهير الوفية تشجع فريقها و تدعمه في السراء و الضراء.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

    للمشاركة في فريق إبداع سبورت 360 اضغط هنا

    أقرأ أيضاً جميع إبداعات فريق سبورت 360 اضغط هنا