بعد سباق روسي غير غني بالتجاوزات والإثارة بدأت بعض المعالم تتضح للموسم الحالي للفورمولا 1 ولكن الأهم يبقى رفع القبعات للفائز الجديد فالتيري بوتاس والذي أصبح الفائز رقم 107 في تاريخ الرياضة.

أي سرعة هذه و أي هدوء واتزان في مواجهة الضغوط. بدأ بوتاس السباق في المركز الثالث خلف ثنائي الفيراري ولكنه انطلق انطلاقة رائعة واستفاد من أثر السحب (أو ما يعرف بالانكليزية slipstram) لسيارة فيتيل وخصوصا بأن الخط المستقيم من خط البداية النهاية لنقطة الانعطاف الاولى تعتبر من الأطول في روزنامة البطولة ليجد نفسه في المركز الأول بعد المنعطف الثاني و ليحافظ على تصدره طيلة مجريات السباق بغض النظر بالطبع عن فترات دخوله لمنطقة الصيانة.

ولكن ما أثار الاعجاب هو حفاظه على رباطة جأشه وتوازنه أمام ضغوطات بطل العالم الرباعي سيباستيان فيتيل في المراحل الأخيرة من السباق. فمع اعتماد فريق الفيراري الخيار الاستراتيجي للبقاء لفترة أطول قبل القيام بوقفة الصيانة الوحيدة, خرج فيتيل مع اطارات أحدث بسبع لفات عن الفنلندي في المركز الأول ومن ثم بدأت المطاردة. استغل فيتيل اطاراته السوبر سوفت الجديدة و طارد بشراسة بوتاس ليصل الفارق قبل لفات على النهاية أقل من ثانية لكن فالتيري و ببرودة أعصاب  يتسم بها الفنلنديين استطاع الحفاظ على تركيزه و عبور خط النهاية ليتوج بفوزه الأول في الفورمولا 1. فوز مستحق بالفعل بعد أكثر من أربع سنوات على دخوله قمة  رياضة المحركات.

أما زميله في الفريق البريطاني لويس هاملتون فبدا ولأول مرة منذ سنوات فعليا بأنه غير قادر على المنافسة و بسبب سوء قيادة بحت أي سبب لا علاقة له بالسيارة. وحتى لو أخذنا بالاعتبار ارتفاع درجة حرارة السيارة في السباق وعدم قدرته على الضغط , فإن البريطاني كان تائها بعض الشيئ في جميع فترات نهاية الاسبوع. لم يكن منافسا في حصص التجارب وعانى جدا في المقطع الأخير من الحلبة في الحصة التأهيلية ليتأهل رابعا وينهي السباق بالمركز الرابع أيضا بعيدا عن زميله الفائز. فلا أعذار للويس هذا الأحد

حسنا! ماذا يحصل مع مكلارين هوندا؟!! فيرناندو ألونسو لم يبتدئ السباق من أصله بسبب مشكلة في نظام استعادة الطاقة أما ستوفيل فاندورن انطلق من المركز الأخير بسبب عقوبة إرجاع مراكز نتيجة تغيير قطع في المحرك لينهي السباق بالمركز 14 من أصل 16 عابر لخط النهاية أي تغلب فقط على ثنائي الساوبر المغمور ماليا وتنافسيا.

هذه السنة الثالثة من تحالف المكلارين هوندا والأمور من أسوأ لأسوأ. ألونزو بطل عالم ثنائي و من أفضل السائقين على خط الانطلاق لم ينه أي سباق إلى حد الآن أما زميله الموهوب فاندورن فانسحب من سباقين وأنهى السباقين الآخرين خارج النقاط. بعد الخطوة إلى الأمام التي أخذها الفريق في العام الماضي, بدا وكأنه بطريقه إلى التعافي لتضرب كل هذه الأماني بعرض الحائط ويتراجع الفريق بشكل مشين إلى الوراء.

هيكل السيارة يبدو تنافسي فبحسب تصريحات ألونسو, فإن السيارة متماسكة و سلسة في المنعطفات ولكن في الخطوط المستقيمة وبسبب ضعف المحرك الشديد , السيارة تخسر ثانية أو ثانية ونصف. فإذا اعتبرنا بأن معظم حلبات الفورمولا 1 الحالية لديها تقريبا خطان مستقيمان , فستخسر سيارات الماكلارين ثلاث ثوان عن منافسيهم في لفة واحدة.

يجب على هوندا أن تجد حلولا جذرية وسريعة لمشاكلها ويجب أن تستفيد من إلغاء نظام المفاتيح التطويرية لتتمكن من اللحاق بالمنافسين. و ما عرض الاتحاد الدولي لهوندا للمساعدة على تحسن الأداء إلا مؤشر على عمق مشكلة الهوندا و صعوبة اللحاق بالركب بمفردهم. الأهم من ذلك على مكلارين أيضا و إذا استمرت الكارثة أن تبحث عن مخرج و إن تضمن ذلك فسخ العقد مع هوندا وذلك كي لا يتحول الفريق رويدا رويدا إلى فريق ينافس على مراكز المنتصف مثلما حصل للأسف مع فريق الويليامز العريق.

نقطة أخيرة لفتت الانتباه أيضا هي صعوبة التنبؤ بنتائج السباقات إلى حد الآن. الأمر الذي كان ليس بالمتناول في الأعوام الماضية. 4 سباقات, اثنان لفيراري واثنان لمرسيدس. في سباق روسيا تحديدا توقع الجميع فوز الفيراري في السباق بحكم الانطلاق في الصف الأول ولكن بوتاس فاجأنا بحركة تجاوز رائعة وسرعة كبيرة في السباق على خلاف جميع الحصص التأهيلية والتجريبية. وهذا بالطبع مكسب كبير للمتابعين لتظل الإثارة حاضرة في جميع السباقات ولأطول فترة ممكنة.

هذا كل ما في جعبتنا. آمل بأنكم استمتعتم بهذا السباق على الرغم من قلة التجاوزات. الفورمولا 1 تتوجه الآن إلى السباقات الاوروبية التي دائما حملت الكثير من المفاجآت فكونوا على الموعد!

تابع صفحة الكاتب على الفيسبوك : مقالات الفورمولا واحد مع ماهر أجمان